• التّنمية البشريّة - حبر أون لاين

ما السّرّ وراء رواج كتب التّنمية البشريّة ؟

عرفت التّنمية البشريّة بأنّها أداة لتطوير القدرات الذّاتيّة والاجتماعيّة والعقليّة للإنسان السّوي؛ أي أنّها تستطيع تطوير بعض قدرات الإنسان السّوي، ولكنّها تفشل تماماً في التّعامل مع المرض النفسي.

فلو دخلت أيّة مكتبة في الآونة الأخيرة وألقيت نظرة سريعة على الرّفوف من حولك فستجد عدداً كبيراً منها تحتلّه كتب المساعدة الذّاتيّة (books help – Self)، أو ما درجنا نحن على تسميته بالتّنمية البشريّة.

ستجد مختلف الكتب في مختلف المجالات تحمل كلّها وعوداً بحياة أفضل، حياة أنت فيها شخص أكثر نجاحاً في حياتك العملية، وأكثر ذكاءً في إدارة علاقاتك، وأكثر قدرة وصلابة في مواجهة الصّعاب.

تظهر الوعود بداية من العنوان (فكّر وضاعف ثروتك) ،(سيطر على حياتك)، وتمتدّ إلى ما لا نهاية راسمة حياة كلّ ما فيها مشرق ولامع.

أغلب الأحيان تحتلّ تلك الكتب قوائم “الأعلى مبيعات” في مختلف البلدان، حيث تترجم إلى عشرات الّلغات ويقرؤها الملايين من البشر.

ويبدو أنّ شيئاً ما فيها يجذب الكثيرين إليها بغضّ النّظر عن ظروف نشأتهم وخلفيّاتهم الاجتماعية.

كل هذا يدفعنا إلى التّساؤل:

لماذا تلقى كتب التّنمية البشريّة هذا الرّواج؟ وما الّذي يقوله هذا عن ثقافتنا الحديثة؟

فالكاتب (آلان دي بوتون) يعيد تاريخ تلك الكتب إلى تاريخ الفلسفة اليونانيّة نفسه، فهناك ظمأ معرفي إذاً عند الإنسان لمعرفة كيف يعيش حياته على أكمل وجه.

لكن معاني ذلك (الوجه الأكمل) قد تبدّلت كثيراً، وقد جاء في تبدّلها انعكاس لتغيّر القيم  المتحكّمة في الحياة والمجتمع.

تتبدّل هكذا كتب التّنمية البشريّة فيما يشبه الدّوران، فيسيطر على السّاحة في فترة ما كتب تروّج للعمل الشّاق والهوس بالإنتاجيّة لتحقيق السّعادة، لترد عليها أخرى في وقت لاحق تروّج لممارسات أخرى أكثر استرخاء وتعِد هي الأخرى بالنّتائج نفسها.

فالحقيقة أن سوق كتب التّنمية سوق لا كساد فيه، فما أن يخفت بريق أحد الاتّجاهين حتّى يسرع الآخر ويستغلّ ضعفه ليخطف الأضواء.

ويبقى السّؤال الأساسي هو:

هل قراءة تلك الكتب تساعد أيّاً منّا بشكل واقعي في حياته؟

للأسف لا توجد إجابة شافية لذلك السّؤال، فلا توجد أيّة دراسات جادّة سعت لمعرفة ما إذا كانت الوعود الّتي تضمنها كتب التّنمية البشريّة قابلة للتّحقيق بالطّرق الّتي تروّج لها أم لا.

لكنّنا نبقى واثقين من شيء واحد على الأقلّ وهو ما قاله ( أحمد خالد توفيق ):

(الطّريقة الأكيدة للنّجاح عبر كتب التّنمية البشريّة هي أن تكتب كتاب تنمية بشريّة).

****

المصادر:

المصدر 1

****

إعداد: مروه الأدهم.

تدقيق لغوي: نور رجب.

تصميم غرافيك: ديمة عدل.

****

واقرأ أيضاً في حبر أدب:

جبران ومي.. الحب الصوفي السّامي

أحمد خيري العمري.. مزيج من الإبداع بلمسة راقية

أوراق نضرة.. نماذج من شعر الهايكو بين أصله الياباني وحضوره العربي

فضيحة تؤجّل جائزة نوبل للآداب لهذا العام

التّبراع .. مذهب الموريتانيّات في الحبّ

طفل الرّماد .. قراءات في نشأة شعر الهايكو الياباني وحضوره في الأدب العربي

جائزة البوكر للرّواية العربيّة .. أصلها ومن فاز بها

أديبات كسرن حاجز النّسويّة.. فكيف تجاوزن حاجز الأدب النّسوي

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة