الصراع النفسي الداخلي .. فهم الأسباب والتأثيرات

يمكن اعتبار الصراع النفسي الداخلي من الظواهر الشائعة والطبيعية في حياة البشر، والمقصود به كل التوترات والتناقضات العاطفية والمعرفية التي يمر بها الفرد ويواجهها داخل ذاته.

وهناك عدة عوامل تقف وراء نشأة الصراع النفسي الداخلي الذي يحمل الكثير من التأثيرات على حياة الأفراد وسلوكهم وتطورهم الشخصي.

أسباب الصراع النفسي الداخلي

هناك مجموعة من الأسباب المحتملة التي يمكن أن تتسبب في حدوث الصراع النفسي الداخلي ومنها:

امتلاك معتقدات وقيم متضاربة

إذا كان لدى الفرد قيم ومعتقدات متضاربة في مفهومها فقد تكون السبب في نشوء صراع نفسي داخلي لديه، فعلى سبيل المثال تضارب رغبة الفرد بين الرغبة في الحرية والاستقلال وبين الرغبة في الانتماء لمجموعة والتبعية لها تعتبر من القيم المتضاربة التي تولد صراعات داخلية لدى الفرد وتتركه في حالة من الاضطراب والارتباك وعدم التوازن.

وجود قرارات صعبة لدى الفرد

إذا ما واجه الفرد في حياته مهمة اتخاذ قرارات صعبة ومهمة فقد ينشأ إثر ذلك الكثير من الصراع النفسي الداخلي لديه.

وينشأ هذا الصراع من كثرة الخيارات المتاحة أمامه فيشعر بالشك والارتباك والتوتر لاتخاذ أحدها ومدى صواه، ويكون خائفاً من عاقبة النتائج وما يترتب عليها.

وجود توترات عاطفية

هناك توترات عاطفية يواجهها الفرد في حباته قد تكون السبب وراء نشوء الصراع النفسي الداخلي، فمثلاً الصراع بين الرغبات الشخصية وحاجاتها وبين متطلبات المجتمع وتحفظاته قد يكون السبب الذي يبعث على الصراع.

فهذا الاحتدام بين الرغبات الشخصية والتضحية بها مقابل الحفاظ على علاقات إيجابية في المجتمع يسبب صراعاً نفسياً ليس بقليل بتأثيراته.

تعارض الأدوار

ونقصد به أن يكون الفرد منوطاً بأكثر من دور في حياته وعليه أن يفي كل دور حقه من الاهتمام والنجاح، على سبيل المثال أن يكون هناك تنافر بين دور الفرد كأب أو أم وبين دوره كموظف قد يولد ضغطاً كبيراً على الفرد يجعله في حالة من الصراع النفسي الداخلي نتيجة الشعور بالذنب تجاه كل دور والقدرة على تلبية متطلباته كافة.

تأثيرات الصراع النفسي الداخلي

هناك مجموعة من التأثيرات المحتملة للصراع النفسي الداخلي على الفرد ومنها:

الضغط والتوتر العاطفي

ربما يزيد الصراع النفسي الداخلي من حدة التوتر والضغط العاطفي لدى الفرد، فيشعر بالقلق والاضطراب نتيجة ذلك لعدم قدرته على اتخاذ القرارات الصحيحة الواضحة أو توفير الحلول اللازمة للمتناقضات.

هذا الشعور هو من تأثير الصراع الداخلي وينتج عنه اضطرابات تؤثر على حياة الفرد.

انخفاض الثقة بالنفس

توالي الصراع النفسي الداخلي قد يفقد الفرد ثقته بنفسه وبقدرته على اتخاذ القرارات الصحيحة والتصرف بشكل مناسب في ما يعترضه من مواقف أو إشكالات.

تدهور العلاقات الاجتماعية

عندما لا يتمكن الفرد من التعامل الصحيح مع المشكلات والمواقف فقد تنشأ اضطرابات في علاقاته مع المحيط من أفراد وجماعات.

فعندما يكون الفرد غير متزن وغير واثق من خطواته فهذا سيؤثر على تفاعله مع الآخرين وعلى علاقته مع محيطه.

تأثيرات نفسية وجسدية

قد ينعكس الثراع النفسي الداخلي على الحالة الصحية العامة للفرد، فيسبب مشاكل في النوم وصداع واضطرابات هضمية.

ويمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم ننتيجة التوترات والضغوط، كما يؤثر على الحالة المزاجية للفرد وقدرته على الاستمتاع بالأشياء.

تأثير على الأداء والإنجاز

الشعور المستمر بالتوتر والضغوط والصراع النفسي الداخلي قد يؤثر على مستويات إنتاج الفرد وإنجازه وإبداعه أيضاً.

إذ يصعب على الفرد المشتت التركيز على الإنجاز والأداء بشكل كامل ومتقن، وبالتالي تتأثر مستويات النجاح والإنجاز لديه.

تأثيرات عاطفية

الفرد تحت تأثير الصراع النفسي الداخلي يكون عرضة لتدهور حالته العاطفية، فيشعر بالحزن والإحباط والغضب والاكتئاب نتيجة عدم القدرة على الموازنة والتوافق الداخلي النفسي لديه.

في الختام يمكننا القول بأن الصراع النفسي الداخلي هو جزء من طبيعة الحياة البشرية، وفهم الأسباب والتأثيرات قد يكون مفتاحاً للتخلص من هذا الصراع ونتائجه وتجاوزها.

فعندما يكون الفرد قادراً على فهم مصدر الصراع والتعامل معه إيجابياً، يستطيع أن يحقق التوازن الداخلي الصحيح والسعادة الشخصية.

ولكن ذلك يحتاج منه إلى الصبر والعمل المستمر لنمو شخصيته وتطوير قدراته العاطفية والعقلية التي بموجبها سيتمكن من تحقيق التناغم والتوافق الداخلي.