Terracotta Screens تقنية جديدة تخلق خمسة أبنية خيالية

في المقال السّابق تكلّمنا عن تقنية ( Terracotta Screens ) وأوضحنا أنّها شكل من أشكال الطّين المشوي الّذي يصمّم بآليّة حديثة محدّدة وتستخدم في الإكساء الخارجي للمباني.

وهي مرغوبة جدّاً لأنّها تحمي المباني من الرّطوبة وتقلّل الضّياعات الحراريّة، وكنّا قد ذكرنا مبنَيين طُبِّقت فيهما هذه المادّة وأعطت جمالاً لا يخفى عن الأنظار واليوم سنذكر المباني الثّلاثة المتبقيّة.

مبنى ” Gatehouse to One Madison” في ولاية نيويورك

من المباني الّتي اعتمدت هذه التّقنية مبنى ” Gatehouse to One Madison” في ولاية نيويورك في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، قام بتصميمه “BKSK Architects”، ولقد صمّم التّيراكوتا ” Boston Valley Terra Cotta “.

مبنى Gatehouse – نيويورك

هذا المبنى الّذي يبدو بسيطاً ومتواضعاً والّذي يقع في مكان هادئ محاطاً بالبيوت التّاريخيّة القديمة، هو في الواقع الواجهة الرّئيسيّة لناطحة سحاب معاصرة، والّتي ترتفع حوالي 618 قدم فوق شوارع المدينة.

تمّ تصميم واجهة ” Gatehouse” بحيث تكون محدّدة ومقيّدة بألواح التّيراكوتا بدلاً من اعتماد المساحات الحرّة الكبيرة الممتدّة على كامل الواجهة.

والهدف من ذلك إعطاء السّكان إحساساً بالوصول إلى منازلهم قبل الصّعود إلى شققهم المرتفعة.

الواجهة الرئيسية لناطحة السحاب Gatehouse.jpg

تمّ استخدام الحجر الجيريّ مع إضافة بعض التّفاصيل من البرونز في عمليّة الإكساء الخارجيّ، ممّا خلق واجهة جميلة هادئة أقرب إلى الكلاسيكيّة دون المبالغة في المظهر الكلاسيكيّ، إضافة إلى انسجامها الكبير مع المباني الحجريّة القديمة المجاورة لها.

البروزات الّتي تُرى في هذه الواجهة ليست سوى شاشة تيراكوتا Terracotta Screens ، تمّ توزيع ألواح التّيراكوتا فيها بشكل إيقاعي، والمميّز في التّيراكوتا هنا هو كيفيّة تصميمها.

حيث نلاحظ أنّها اتّخذت شكلاً قريباً من الزّعانف فكلّ زعنفة من التّيراكوتا تمّ تصنيعها من ثلاث قطع عبارة عن نهاية مدببّة في الوسط وقطعتين جانبيتين على شكل حرف L، والّتي كان لها دور كبير في إخفاء البنية التّحتيّة للألمنيوم ثمّ تمّ طلي الزّعنفة بكاملها بلون كريميّ تمّ انتقاؤه خصّيصاً ليليق بضوء الشّمس في الصّباح.

وهنا نرى مرّة أخرى الإبداع في تصميم التّيراكوتا والّذي قام بها (بوسطن فالي) الّذي صمّم أيضاً التّيراكوتا لمدرسة فن وتصميم الخزف في نيويورك الّتي استعرضناها في المقال السّابق.

تفصيلة زعنفة التيراكوتا المستخدمة في واجهة ناطحة السحاب

“Albion District Library” مكتبة مقاطعة ألبيون واستخدام Terracotta Screens

ومن نيويورك إلى كندا لنسلّط الضّوء على مبنى مميّز آخر استخدم نفس التّقنيّة ألا وهو “Albion District Library” مكتبة مقاطعة ألبيون الّتي صمّمها ” Perkins+Will” وتصميم التّيراكوتا قامت به شركة”NBK Architectural Terracotta“.

مكتبة مقاطعة ألبيون

إنّ واجهة مكتبة ” ألبيون ديستريت” الواقعة في ضواحي تورنتو في كندا “Toronto, Canada” كانت عبارة عن واجهة رتيبة مملّة مصنوعة من البيتون مع أرضيّة إسفلتيّة ممتدّة في الموقع العام إضافة إلى انتشار عادة الكتابة على الجدران في تلك المنطقة.

لذلك بحث المهندسان المعماريّان ” Perkins+Will” عن مادة للواجهة تجعلها أكثر حيويّة ومرحاً إضافة إلى اتّصافها بالدّيمومة لذا فكّرا باستخدام Terracotta Screens .

وتوجّها إلى شركة “NBK Architectural Terracotta” الّتي صمّمت لهما ألواحاً من التّيراكوتا الملوّنة والزّاهية وبإضافتها إلى الواجهات برفقة زجاج ملوّن زاهٍ أيضاً تمّ الوصول إلى واجهات تشّع بالحيويّة والإشراق، مقاومة للماء والشّمس والخدش ولا يمكن الكتابة عليها.

الوجهة الملونة لمكتبة ألبيون

إنّ الأجزاء الصّلبة من الإكساء الخارجيّ يتكوّن من طبقتين الأولى مطليّة مقاومة للمطر والرّطوبة والثّانية غير مطليّة، وبين الطبقتين توجد مادة عازلة.

ومن الملفت للنّظر أنّ الواجهات ليست موحّدة بل تتحوّل من الكتيمة إلى الشّفّافة بحسب الحاجة ووظيفة الفراغ بشكل انسيابيّ ومريح للنّظر.

وهذه النّقطة أوضحها المهندسان المعماريّان الّلذان صمّما الواجهات في مقابلة لهما مع “Architizer” حيث قالا:” تنتقل الواجهات من جدار صلب إلى شاشات مفتوحة من الأنابيب الملوّنة الشّاقوليّة الّتي تحيط بالمبنى.

لقد سمحت لنا التّيراكوتا بخلق هذه الاستمراريّة حيث إنّ المبنى يتحوّل من كتلة مصمتة إلى أماكن مكشوفة حرّة مع بعض السّتائر المقيّدة لها….”.

التدرج بين الكتامة والشفافة في واجهات مكتبة ألبيون

رياض أطفال “Forfatterhuset Kindergarten” في كوبنهاغن – الدّنمارك

ومن مكتبة في كندا إلى رياض أطفال في الدّنمارك لنشاهد المبنى الخامس والأخير الّذي استخدم تقنيّة شاشات التّيراكوتا Terracotta Screens ، والمبنى هو “Forfatterhuset Kindergarten” في كوبنهاغن – الدّنمارك، والتّصميم لــ “COBE” أما التّيراكوتا فمن تصميم “Creaton”.

رياض الأطفال في كوبنهاغن Forfatterhuset Kindergarten

إنّ هذا المبنى محاط بمبانٍ تاريخيّة مكسيّة بالطّوب القديم، لذلك أراد المهندسون المصمّمون احترام تاريخ المنطقة وخلق شيء جديد ومتناقض في نفس الوقت.

وتوصّلوا إلى فكرة تجعل المبنى كقريّة من المنازل القرميديّة المتعرّجة الّتي تتحدّد بشرائط شاقوليّة من الطّوب الفخّاري والمعروفة باسم ” Lamellae” وهذه الشّرائط ستلتفّ حول المبنى والملاعب والمناطق الخضراء المزروعة بنباتات مورقة.

تصميم رياض الأطفال كقرية متحدة بشرائط شاقولية

تمّ تصنيع الصّفائح بشكل مخصّص من قبل” Creaton” باستخدام طريقة” KERALIS” الحاصلة على براءة اختراع. وشمل هذا شوي الطّين في درجات الحرارة العالية جدّاً (تقترب من 2200 فهرنهايت)، لإضفاء لمسة نهائيّة عالية القوّة ومقاومة للماء.

كما عمل المهندسون المعماريّون بشكل وثيق مع مهندسي “Saint-Gobain” لتطوير بنية تحتيّة مرنة، قادرة على دعم الصّفائح أثناء مطابقتها للمباني المنحنية الفريدة.

مطابقة الصفائح الطينية للكتل المنحنية في رياض الأطفال

وفي نهاية مقالنا جزأيه الّذي تجوّلنا فيه بين نيويورك، إيطاليا، كندا والدّنمارك نلاحظ الانتشار الكبير لـ ” Terracotta Screens ” وذلك لجمال منظرها وللأفكار اللانهائيّة الّتي يمكن تنفيذها.

إضافة إلى حماية المبنى من الرّطوبة وعزله حراريّاً يضاف إلى ذلك كلّه أنّها مادّة طبيعيّة وتقليديّة والحداثة فيها تكمن في طريقة تشكليها.

****

المصادر:

مقالة أجنبية من موقع www.architizer.com/projects

****

إعداد: م.عبير الزّعيم.

تدقيق لغوي: نور رجب.

تصميم غرافيك: ديمة عدل.

****