• مفهوم الزّواج - حبر أون لاين

مفهوم الزّواج وأسباب تساقط مبادئ تكوينه .. الجزء الأوّل

مفهوم الزّواج – الجزء الأوّل

نحن أبنـاء الصّبر والطّرق المبتورة والنّداء الّذي لا يصل.

نحن الأرواح الّتي تبحث عن المجهول لأنّها لا تراه.

وكلّما اقتربنا زاد وحش الخوف الّذي يجعلنا نتخبّط ونقع ثائرين وسط أفكارنا.

 نحن الآن بصدد موضوع شائك ومتفرّع الجوانب والآراء، كثير منّا ينظر للزّواج كـقاعدة رئيسيّة للحياة.

ولكن مَن مِنّا خاض التّجربة ومازال على نفس النّحو الأوّل منها؟

نحن كما قال (لوركا): “نعيش ‏هذه الأيّام الضبابيّة مثل حمامات عمياء تطير نحو المجهول”

والآن صار الزّواج طريقاً مجهولة بالنّسبة لعقول بعض الشّباب، ومع مجتمعنا وتطوّراته أصبح يثير الكثير من التّساؤلات.

ومفهوم الزّواج له قدسيّة قد يكون البعض تجاهلها رغم عادات وممارسات وطقوس وُضعت له.

وقد تختلف بعض عاداته في بعض الدول من حيث الأعراف المطبّقة وأحكام شرعيّة كلّ دولة.

ولكنّها تظلّ مراسم شرعيّة وقانونيّة تكفل حقوق طرفين تمّت مشاركتهم تحت ستار الشّريعة والقانون.

يتكفّل عقد الزّواج بحقوق كلّ من الرّجل والمرأة، إذ يجمع بين الطّرفين على أساس تكافل اجتماعي متساوٍ وهي القاعدة والرّكيزة الأهمّ في بنائه.

هل الزّواج نضج اجتماعي أم أخلاقي أم ثقافي؟

مفهوم الزّواج وأسباب تساقط مبادئ تكوينه الجزء الأوّل

هل الزّواج نضج اجتماعي أم أخلاقي أم ثقافي؟

نرى شمولاً واضحاً لمفهومه فهو تحوّل شامل لنضج الإنسان، ووجب علينا التّأكّد من تلك النّقاط القائمة عليه ووضوحها؛ لنرى مدى أهميّة هذا المفهوم في ظلّ مجتمع عصري حديث.

يُنظر لمفهوم الزّواج بأنّه انتقال من مرحلة العزوبيّة إلى مرحلة الزّواج…

فهو سنّة من سنن الحياة الطّبيعيّة، والّتي من خلالها نرى التّطوّر الاجتماعي والتّكافل العادل بين الطّرفين.

وهو يعمل على تأليف أسرة جديدة متكافئة، واندماج وتكوين علاقات قويّة تساعدنا على نمو علاقتنا مع من حولنا،

وبناء جسور اجتماعية متحابّة، ولكن سريعاً ما نرى هبوطاً متزايداً لتلك العلاقات.

وإذا تساءلنا عن الأسباب في تراجع ذلك التّطور والنّضج سنرى انعدام المكمّل الثّاني.

وهو العاطفة الّتي تساعدنا في ترابط تلك العلاقات ومدى أهميّتها لدينا، لذلك فقدنا ذلك الرّابط، وفقدنا قدسيّة ونضوج تلك العلاقات الجديدة.

ونجد أسباباً أخرى لتراجع بعض الأسس الّتي بني عليها الزّواج،

كـالنّضج الفكري والسّمو الأخلاقي الّذي ينشأ من خلاله رابط قوي بمفهومه الشّامل.

فتتراجع هذه المؤسّسة وتهدم نتيجة لعدم الوعي الكافي، فنواجه انحداراً واضحاً يهدم كثيراً من الأسر بنيت بدون قاعدة قويّة ترتكز عليها.

ويعدّ ما يمرّ به المجتمع الحالي من صور التّداخل بسبب التّكنولوجيا الفعّالة أمرّ حثّ كثيراً على الانحراف الفكري والأخلاقي.

ممّا سبّب فجوة في التّواصل المباشر القائم بين الأفراد، وتكوين علاقات سطحيّة ونشر مبادئ غير سويّة أدّت إلى تركيب صورة فارغة أزالت عمق مفهوم الزّواج وأهميّته.

 ومن هنا نتساءل مرّة أخرى.. هل وثيقة الزّواج هي مجرّد قسيمة ورقيّة كُتب أعلاها سم الزّوج والزوجة فقط؟

بدأت الخليقة بمفهوم عام للعلاقات الّتي جمعت بين الرّجل والمرأة، وهي المشاركة الطّبيعية الّتي فرضتها طبيعة كلٍّ منهما لممارسة (غرائزهم الطّبيعيّة).

فقد قامت حينها علاقات عشوائيّة وغرائزيّة تعبّر عن الممارسة الشّهوانيّة البيولوجيّة لكلا الطّرفين، ولم تفرض هذه العلاقات احترامها، إذ كانت الغاية منها استمراريّة النّسل.

 وفيما بعد أصبح الزّواج للبعض عادة، وعادة مكتسبة فقط لتحليلها شرعاً.

ولقد شاع استعمال لفظ الزّواج عند اقتران الرّجل بالمرأة على سبيل الدّوام من أجل اقتناص الولد، وتحصين النّفس البشريّة من الوقوع في المنكرات.

وهنا صاح الزّواج: عذراً.. لا للتّعبير عن تلك الغرائز.

فالزّواج صورة اجتماعية وإنسانية وُجدت وفقاً لعادات وقوانين وجب احترامها في ظلّ شرعيّة تحتّم تقديم الثّناء لها.

وفي حين وجوب مصداقيّته تنتقل السّلطة القياديّة إلى يد ربّ الأسرة ليشارك الطّرف الآخر في طور نقاش محدوديّة تطبيقها بصورة صحيحة.

ولكن وفقاً لبعض الثّغرات والتّغيّرات وسقوط الأفكار الواعية الّتي تحترم قوانين الأسرة والزّواج، غابت بعض القيم ليتمّ النّظر للزّواج عل أنّه تقليد شهواني وغير مستحب و”مقيّد للحرّيّات”.

فصار التّعدّد مثالاً لهذه الحرّيّة بالنّسبة لبعض الرّجال للتّعبير عن “حرّيّتهم” ومطالبهم الرّجوليّة في ظلّ غياب الفكر وتقدير تطوّر تلك العلاقات.

وبدأ البحث عن منظومة أخرى بديلة وغير كفيلة باحترامها تؤدّي إلى تتعدّد الصّور والمسؤوليّات ليصبح الزّواج فجوة يقدم عليها كلّ شاب وفتاة لتأدية دور ما ليس أكثر.

وفي المجتمعات اليونانيّة قديماً وُجد مفهوم الزّواج المفروض تحت شعار “عادات وتقاليد مرغوبة”.

وقد أقرّ (إمانويل كانط) أنّ قانون الأحوال الشّخصيّة هو قانون امتلاك شيء واستحالة وصفه “شخصا”ً أيّ للطرفين الحرّيّة في امتلاك علاقاتهم بوصفهم كائنات حرّة.

ونختم كلامنا بما قاله (فولتير): “إنّ الزّواج هو المغامرة الوحيدة المتاحة للجبناء”.

وهنا هل حقّاً الزّواج للجبناء؟

****

إعداد: شيريناز مجدي.

تدقيق لغوي: نور رجب.

تصميم غرافيك: رهام حجلاوي.

****

واقرأ أيضاً في حبر مهارات:

السّرّ الكامن في عدم النّسيان

تمكين الشّباب قضيّة بين الحلم والواقع

أساليب التّعليم.. هل تصلح كلّ أساليب التّعليم لكلّ الطّلّاب بمختلف أعمارهم وشرائحهم؟

****

تابع حبرنا عبر

  twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة