• الحمض النّووي - حبر أون لاين

الرّياضيّات تبيّن كيفيّة تحوّل الحمض النّووي (DNA) والتفافه

إذا كنت قد رأيت صورة لجزيءDNA  ( الحمض النّووي )، فربّما شاهدته في نمطه الشّهير (B)  أي شريطان ملتفّان حول بعضهما البعض ليشكّلا بنية الحلزون المزدوج.

الحمض النووي - حبر أون لاين

الحمض النووي

لكن هل تعلم أنّ ذاك الـ DNA يمكنه تغيير شكله؟

فجزيئات الحمض النّووي الّتي تحمل الشّيفرة الوراثيّة للكائن الحيّ يجب أن تكون فائقة الرّص لتدخل الخليّة..

ومع ذلك فكلّ بضع ساعات تنتج الخليّة نسخة طبق الأصل من الجينوم الخاص بها استعداداً للانقسام الخلوي.

وعمليّة التّضاعف هذه تُجهد DNA كثيراً ويمكن أن تغيّر شكله بطريقة خاطئة أو مشوّهة للبنية.

والإجابات عن استفسارات أي عالم رياضيّات أو بيولوجي مهتمّ بكيفيّة وصف الرّياضيّات للأشكال العديدة ل DNA، والعمليّات الخلوية كتضاعف الدّنا ستعطي العلوم الحديثة فهماً أفضل لهذا الجزيء.

شكل الحمض النّووي

لفهم الشّكل الرّياضي للحمض النّووي تحتاج إلى النّظر في كلّ من الهندسة والطوبولوجيا الخاصّة بها، ورغم أنّ هذه المفاهيم مترابطة فيما بينها إلّا أنّ بينها اختلاف.

تدرس الهندسة جسماً معيّناً يكون جامداً وثابتاً في زمن معيّن، وفي الخليّة يلتفّ الحمض النّووي على نفسه ليشكّل بنية حلزونيّة ويسمّى (التفاف الـ (DNA، فتكون هذه الالتفافات والطّيّات عبارة عن شيفرات وراثية تحمل معلومات هندسيّة قيّمة يمكن أن تتحكّم بطريقة التّعبير عن الجينات.

بينما تصوّر الطّوبولوجيا كيفيّة تغّير الجسم بشكل أسهل، كما لو كان مصنوعاً من طين دون أن تحدث أيّة ثقوب جديدة أو خدوش.

الحمض النووي - حبر أون لاين

هذه الأشكال الثّلاثة مختلفة هندسيّاً لكنّها متطابقة طوبولوجيّاً – ممّا يعني أنّها يمكن أن تلتفّ وتتقوّس من شكل لآخر.

على سبيل المثال، تخيّل شريطاً مطّاطيّاً يسقط في دوامة من الماء، سيلتفّ الشّريط المطّاطي ويمتدّ وينكمش، وجميع الأشكال الّتي يتّخذها الشّريط أثناء حركته متطابقة من النّاحية الطّوبولوجيّة لكنّها مختلفة هندسياً.

إنّ مجرّد نسخ الـ dna يخلق عدداً كبيراً من الأخطاء على المستوى البنيوي، لكنّ صور الكتب الدّراسيّة نادراً ما توضّح هذا الّلغز الطّوبولوجي.

خلال دورة الخليّة يتمّ نسخ كلّ كروموسوم إلى نسختين متطابقتين، ولكي يحدث ذلك يجب أن ينفكّ حلزون الدّنا ممّا يسبّب الضّغط على الحمض النّووي.

ويقللّ الحمض النووي هذا الإجهاد عن طريق الالتفاف والارتصاص تماماً مثل سلك الهاتف القديم. لكنّ الخليّة لا يمكن أن تتحمّل الكثير من الالتفاف، فإذا التفّ الدّنا وارتصّ أكثر من الّلازم ستُجهد الخليّة.

جزيء الحمض النووي يمكن أن يكون خطيّاً – كما هو الحال في الكروموسومات البشرية – أو حلقيّاً.

أمثلة عن جزيئات الـ DNA الحلقيّة الصّبغيّات البكتييريّة و DNA الميتوكوندريا البشريّة

 إذا كان جزيء الدّنا حلقيّاً فإنّ العمليّات الخلويّة مثل التّضاعف قد تربط الحمض النّووي في عقدة أو روابط مثل حلقات في سلسلة المفاتيح.

عقد الحمض النووي والحلقات يمكن أن تسبّب خللاً في الخلايا أو حتّى موتها.

استقرار الحمض النووي

في بكتيريا  E.coil القولونيّة تمّ العثور على الشّيفرة الوراثيّة في كروموسوم DNA أحادي السّلسة.

في البكتيريا E القولونية والبكتيريا الأخرى ينغلق DNA على بعضه ليشكّل بنية حلقيّة مثل شريط مطّاطي حلقي.

يمكن أن يحدث تضاعف لكروموسوم E.coil  في مدّة قصيرة لا تتجاوز 20 دقيقة في أنبوب الاختبار.

ولكن عندما يتم تضاعف كروموسوم حلقي تُنتج العمليّة نسختين كرووسومين مرتبطين ببعضهما.

أي أنّ الكروموسومات الجديدة تشكّل حلقتين مرتبطتين ببعضهما البعض. وهنا يجب فصل الكروموسومات الجديدة المرتبطة ببعضها قبل أن تنقسم الخليّة إلى خليتين.

وإلّا فإنّهم إمّا أن تنفصل النّسختان النّاتجتان عن التّضاعف عن بعضهما وتذهب كلّ نسخة إلى الخليّة المستهدفة، أو لا يحدث انفصال للنّسخ فتذهب النّسختان المرتبطتان إلى خليّة واحدة بحيث تورث الخلية نسختين من الكروموزوم والخليّة الأخرى تكون لا تحتوي الكروموزوم الحلقي.

تعمل الخلية على توجيه إنزيمات معينة لفك ارتباط الحمض النّووي .

الأنزيمات تدعى topoisomerases  و recombinases تعمل على فكّ وربط الحمض النّووي. حيث يمكن لهذه الأنزيمات تغيير هندسة وطوبولوجية الحمض النّووي، وبالتّالي الحفاظ على الجينوم مستقرّاً.

تعمل أنزيماتtopoisomerases   في E.coil ، بلا كلل أثناء التّضاعف وبعده للحفاظ على مستويات مستقرّة من الالتفاف ولفصل الكروموسومات بأمان.

الحمض النووي - حبر أون لاين

في استنساخ جزيء ال DNA الدّائري تُظهر الأسهم اتّجاه النّسخ المتماثل، وتترابط الجزيئات الجديدة في هذه العمليّة .

متى لا تعمل Topoisomerases

عندما تتوقّف Topoisomerases عن العمل تموت الخليّة. وهذه مؤشّرات جيّدة لتصنيع الأدوية، لكن الخليّة لديها أنواع مختلفة من Topoisomerases والأنزيمات الأخرى مثل recombinases الّتي يمكن أن تكون قادرة على إنقاذ الخليّة.

على سبيل المثال، رأينا أنّ في الخليّة القولونيّة E حيث تمّ تعطيل التوبوايزوميراز المسؤول عن فك الارتباط.

يمكن للأنزيمات الأخرى الّتي تسمّى recombinases الخاصّة بالموقع المحّدد فكّ ارتباطات النّسخ المتماثل.

وترتبط كلّ من التّوبويزوميرازات وإعادة التّرابط الخاصّة بالموقع بحمض نووي مزدوج حيث يمكن لهذه الإنزيمات تغيير شكل الحمض النّووي عن طريق إدخال فواصل.

تضع topoisomerases من النّوع الثّاني فواصل على طول جزيء الحمض النّووي، وتنقل قطعة من الحمض النّووي.

وترتبط recombinases محدّدة الموقع بموقعين على طول الحمض النّووي، حيث تعمل على إدخال قطع واحد في كلّ منها، ثمّ إعادة توصيل النّهايات.

يستخدم خبراء الرّياضيّات محاكاة الكمبيوتر لفهم كيفيّة فصل هذه الإنزيمات من جزيئات الدّنا.

ورغم أنّ الفعل المحلي مفهوم جيّداً على مستوى الكيمياء الحيويّة، فإنّ كيفية قيام الإنزيمات بتبسيط طوبولوجيا الحمض النّووي لا يزال لغزاً.

في إحدى دراساتنا ركّزنا على خلايا  Eالقولونيّة حيث لا يعمل التّوبوايزوميراز، وأظهرنا كيفيّة فكّ ارتباط النّسخ المتماثل في أقلّ عدد من الخطوات.

الحمض النووي - حبر أون لاين

المسار غير الثّابت لوصلة النّسخ المتماثل العبور 6. هذا هو المسار الوحيد الّذي يبسّط الارتباط في كلّ خطوة. يمكن أن تحتوي روابط النّسخ المتماثل على أي عدد زوجي من المعابر ومسارات إلغاء ارتباط مماثلة.

بشكل عام يمكن أن يكون هناك العديد من الطّرق لفك الارتباط، زنحن نستخدم المحاكاة الحاسوبيّة لتعيين الاحتمالات لكلّ طريقة.

ويشير عملنا إلى أنّه في حالة روابط النّسخ المتماثل فإنّ أبسط مسار هو الّذي تأخذه الإنزيمات على الأرجح.

ويمكن أن تساعد الطّرق الرّياضيّة المتطوّرة في تفسير كيفيّة فصل الإنزيمات عن الحمض النّووي.

ولكن بدون النّمذجة الرّياضيّة سوف يقتصر الباحثون على النّماذج المبسّطة الّتي تقترحها التّجارب البيولوجيّة.

مصطلحات وردت في المقال:

التوبوإيزوميراز هي إنزيمات تساهم في تعديل توبولوجيا الDNA وذلك بفك هيئة اللولب المزدوج أو إعادة لولبتها

لريكومبينازات هي إنزيماتُ إعادة التركيب الجيني

جنيوم ( مجموع الجينات في الكائن).

****

رابط المقال بالّلغة الإنكليزيّة: هنا

****

ترجمة: ديمة غبّاش.

تدقيق علمي: نسرين قصّاب.

تدقيق لغوي: نور رجب.

تصميم غرافيك: علا حموي.

****

واقرأ أيضاً في حبر علوم:

وأخيراً.. وجد علماء الرّياضيّات الصّيغة الأفضل لـ ” فقاعة ” الصّابون المثاليّة

جائزة نوبل في الطب لعام 2018 تحارب مرض السّرطان

DNA المضيء ودوره في الكشف عن البروتين السّكّري!

الكيميرا في جسم الإنسان.. عند من توجد.. كيف توجد.. وما دورها؟

الكيميرا البشريّة/ الحيوانيّة .. هل يمكنها صنع أعضاء بشريّة؟!

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة