• فيروس التّركيز - حبر أون لاين

فيروس التّركيز

إنّه أمر بسيط يمكنني القيام به خلال دقائق، ولكن أوّلاً لابدّ من تحضير فنجان من القهوة أو كوب من الشّاي ليساعدني على التّركيز بشكل أكبر، الأمر لن يستغرق أكثر من 5 دقائق.

الآن أصبح الوضع أفضل، سوف أقوم بإنهاء العمل، ولكن قبلها لابدّ من تحضير موسيقى هادئة للاستماع لها لتساعدني على الاسترخاء والتّركيز بشكل أكبر.

لنرى ماذا يوجد على اليوتيوب (ساعة من الموسيقى الهادئة تساعدك على إنجاز أعمالك – موسيقى كلاسيكية رائعة – أهداف محمّد صلاح في مبارته الأخيرة …..).

صحيح!!! لم أشاهد أهداف محمّد صلاح في آخر مبارة، إنّها دقائق سوف أشاهد المقطع ومن ثمّ أنتقل إلى الموسيقى وهكذا ….

قد نقوم بجولة في الفيس بوك ومطالعة سريعة لتويتر ونظرة خاطفة على الإنستغرام وإرسال مقطع صوتي لصديقنا لكي نقول له أنّه لدينا عمل وهو بسيط ولا يحتاج إلّا لدقائق،

ثمّ صوت الجوّال من جديد لرسالة غير مهمّة من موقع غير مهم على البريد الإلكتروني وبعنوان سخيف جدّاً ولكن لنرى ما تحتويه هذه الرّسالة.

هناك الكثير والكثير من القصص والأفكار الّتي تعزّز حالة التّشتّت والضّياع اليوم ومع تعدّد أسباب التّشتّت ووسائله وزيادتها بشكل كبير أصبح علينا تقديم جهد مضاعف للحصول على المزيد من القدرة على التّركيز والابتعاد عن أسباب تشتيت الانتباه وطرقه.

بكلّ تأكيد إنّ مهارة عدم التّفكير في شيء آخر غير الشّيء الّذي نقوم به هي مهارة ليس من السّهل إتقانها وتحتاج إلى جهود كبيرة وخبرة وممارسة مستمرّة.

وخاصّة في ظلّ ظروفنا الحاليّة وضرورة تواجدنا الكبيرة في الكثير من الأعمال على وسائل التواصل الاجتماعي أو مواقع الإنترنت وتعرّضنا الكبير للكثير من المعلومات الّتي يتمّ استعراضها والّتي تشكّل وجبة دسمة لتعزيز حالة التّشتّت.

والآن بعد كلّ هذه المقدّمة ما الّذي يجب أن نقوم به ولماذا سُمّيت المقالة بفيروس الترّكيز؟

كلّنا نعرف أنّنا في الكثير من الأوقات نحصل على جرعات من لقاحات محدّدة والّتي تحتوي في معظم الأوقات على سلسلة أقلّ شدّة من الفيروس الأصلي لاكتساب مناعة إضافيّة ضدّ مرض معيّن بحسب نوع الّلقاح وهو ما يجب أن نقوم به في وقتنا الحالي.

التّعرّف على فيروس الترّكيز الّذي يساعد على مقاومة حالة التّشتّت الكبيرة الّتي قد تصيبنا والّتي قد تؤدّي في بعض الأوقات لزيادة الضّغط النّفسي وتعزيز الشّعور بالتّعاسة والاكتئاب

ولكن هناك العديد من الطّرق والوسائل الّتي تساعد في استعادة وتحسين التّركيز.

الطّريقة الأولى:  التّأمّل للتّخلّص من التّوتّر

تعتبر الفوضى العقليّة وتضارب الأفكار والمعلومات وكثرة الأهداف في بعض الأوقات سبباً مباشراً لضعف التّركيز والانتباه، فهي تحصل على حيّز مهمّ من قدرة العقل على العمل فلا يتبقى الكثير من مساحة الذّاكرة.

تماماً مثل الكمبيوتر أو الجوّال عندما تمتلئ به ذاكرة الوصول العشوائي الخاصّة والّتي تسبّب بطئاً في عمل الكثير من البرامج،

يمكن للعقل البشري التّعامل مع فكرة واحدة فقط في كلّ مرّة في حال كنّا نرغب بتحقيق أعلى جودة وبأسرع وقت؟

لذلك عندما يحتوي العقل على الكثير من الأفكار فلا يمكننا أن نتوقّع جودة وسرعة عالية في عمل العقل، والحل في هذه الحالة يكمن في التّدريب على التّأمّل.

قد تكون بداية التّدريب بـمعدّل خمس دقائق في اليوم الأول ومثلها في اليوم الثّاني ولكن مع مرور الأيّام يجب زيادة هذه الدّقائق حتّى تصل إلى 30 دقيقة يوميّاً

، فتعلّم التّأمّل يساعد العقل على التّركيز وإبعاد المشتّتات الّتي قد تؤثّر على الانتباه وبالتّالي على سرعة العمل وجودته.

الطّريقة الثّانية: تبسيط الحياة

البساطة كلمة ساحرة حقّاً هي لا تشكّل مفتاحاً للنّجاح فحسب، بل هي أسلوب كامل في الحياة، وسبق أن تحدثنا عن استراتيجيّة البساطة في مدونتنا.

نعيش اليوم في واقع يوجد به العديد من وسائل التّشتيت -أقصد هنا خاصّة شبكة الإنترنت- فكلّما زاد اتّصالك بها زاد الوضع سوءاً.

أعرف أنّه أمر أشبه بالمستحيل، لن نطلب قضاء يوم كامل بدون الأجهزة الإلكترونيّة لأنّه أصبح أمراً صعباً حقّاً، وخاصّة وأنّ هذه الشّبكة تعتبر لدى الكثير منّا مصدراً للرّزق.

ولكن لابدّ من وضع ضوابط لتساعدنا على إيقاف تغلغل هذه المشتّتات في قدرة عقلنا على التّركيز.

فقط من باب الإشارة: لن يتوقّف العالم في حال أنّك لم تكن متّصلاً، ولن تتوقّف الحياة، ولكن عندما لا تكون متّصلاً فأنت تعطي نفسك وعقلك فرصة إضافيّة للحصول على المزيد من الرّاحة.

فمعظمنا اليوم لديه القدرة والسّرعة للاستجابة لأصغر صوت تنبيه أو صوت رسالة بشكل أكبر بكثير من قدرته على الصّبر على قراءة صفحة واحدة من كتاب أو الّلعب مع طفل أو حتّى السّير في الحديقة.

 لذلك يعدّ موضوع تخصيص الوقت للرّد على هذه الرّسالة عاملاً هامّاً في تحسين القدرة على التّركيز.

الطّريقة الثّالثة: القائمة

للعقل قدرة على التّحمل فلا تجعله المكان الأساسيّ للاحتفاظ بكلّ ما في العالم، فأنت لا تدرك مقدار الطّاقة الّتي تستهلكها الأفكار والمهام من قدرة العقل.

لذلك يجب تحديد قائمة تبدأ بها يومك، هذا أمر قد يساعد بشكل كبير جدّاً على تحديد الأولويّات وإلزام العقل الباطن بضرورة إنجاز مهام محدّدة ضمن وقت محدّد.

لدى الكثير منّا عقل يفكّر جيّداً في تحمّل المسؤوليّة لذلك وضع قائمة بالمهام الّتي يجب القيام بها قد تساعد بشكل كبير على إنجازها، وأيضاً يترك للعقل مساحة إضافيّة للتّركيز على المشاكل الأكثر تعقيداً والتّفكير بها بوضوح أكبر.

لذا قم بتدوين قائمة المهام الّتي تشمل كلّ ما عليك القيام به، ثم قلّلها إلى الأساسيّات، وركّز على المهام ذات الأولويّة القصوى.

“قائمة النّتائج” الخاصّة بك،

قم بإنهائها ويمكنك حرفيّاً نسيان المهام الأخرى حتّى يحين دورها فقد تكون 5 دقائق كافية لتحديد القائمة، وبالتّالي توفير السّاعات من الجهد في عمل العقل.

الطّريقة الرّابعة: سلّة المهملات

هل تعرف أنّ للعقل أيضاً سلّة مهملات؟ ولكنّها تختلف عن سلّة المهملات التّقليديّة الّتي نعرفها، هي أقرب لسلّة مهملات الحاسوب.

كيف!

سلّة المهملات الخاصّة بالعقل هي الورقة.

نعم الورقة سلّة مهمّة للمهملات،

الأمر قد يكون صعباً عند البداية ولكن مع الوقت سيصبح أسهل،

قم بتفريغ جميع الأفكار الّتي تراودك مهما كانت عشوائيّة أو سخيفة، فهي وبدون أن تدرك تأخذ حيّزاً من الذّاكرة وأيضاً الوعي، وبالتّالي تؤثّر على التّركيز.

تعتبر الورقة طريقة رائعة للتّفريع والعودة لهذه الأفكار وفلترتها في وقت الفراغ والتّخلّص ممّا هو غير نافع وتوفير المزيد من الطّاقة والقدرة للوعي الّذي يعتبر العنصر الأهم في السّيطرة على الذّات والقدرة على التّركيز.

الطّريقة الخامسة: إعادة التّشغيل

ببساطة ابتعد لفترة بسيطة عمّا تقوم به، طبعاً لا أقصد أن تترك العمل لساعات، ولكن يكفي أن تقوم باستراحة أو الابتعاد عمّا تفعله لمدّة 5 أو 10 دقائق بعد كلّ 90 دقيقة عمل.

هذه الدّقائق قد يكون لها تأثير إضافي بمنحك المزيد من الطّاقة وإعطاء العقل فرصة لاستعادة النّشاط وتفريغ ذاكرة العمل الّتي قد تكون امتلأت.

الطّريقة السّادسة : لا تأكل كثيراً!!

لا تكن متخماً بالطّعام أو جائعاً جدًا، وابقَ معتدلاً.

هذه الكلمات تعني ضرورة تجنّب الوجبات الثّقيلة المسبّبة للتّخمة والامتلاء الشّديد، ولا تدع نفسك بالمقابل تشعر بالجوع الشّديد بين الوجبات فكلاهما يساهم في ضعف التّركيز.

ولابد من المحافظة على رطوبة الجسم فالعقل يمكن تشبيهه بكتلة إسفنجيّة تتطلّب الماء للتّمكّن من القيام بتفاعلاتها مع باقي العناصر على نحو صحيح،

فالعقل المصاب بالجفاف قد يصيبه التّعب والإرهاق بسرعة لذلك يعتبر كوب الماء سلاحاً هاماً في المحافظة على التّركيز .

هذه بعض من الطّرق الّتي تساعدنا على زيادة قوّة التّركيز الّتي قد تساهم بشكل مباشر في زيادة قدرتنا الإنتاجيّة وتحسين أوضاعنا بشكل مستمرّ.

ويجب بكلّ تأكيد مراقبة الحجم الكبير الّذي نتعرّض له من معلومات وأفكار بشكل يومي بحيث يسهل علينا تفريغ ما هو غير مهمّ بالنسبة لنا والاحتفاظ بنسبة قليلة تساعدنا على زيادة مهارتنا وإمكانيّاتنا.

****

إعداد: بشّار قباوة.

تدقيق لغوي: نور رجب.

تصميم غرافيك: فريق حبر غرافيك.

****

أحدث المقالات في حبر مهارات:

تجنّب الإحراج وقل لا مع إحدى هذه الطّرق

المستقبل لهذه التّخصّصات في سوق العمل والدّراسة

9 خطوات من أجل حياة أسريّة صحيّة وسعيدة

2019.. كيف نخطّط للعام الجديد؟

كيف ستكون حياتنا خارج أسوار وسائل التّواصل الاجتماعي

استراتيجيّة البساطة .. سرّ الحياة النّاجحة

كيف تختار تخصّصك الجامعي.. ارسم هدفك بدقّة

ماذا بعد التّخرّج ؟؟!

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة