• عجوز - حبر أون لاين

عجوز في العشرينيّات من العمر

عجوز .. هل حاولت أن تبدأ يومك وحيداً؟ تستيقظ بلا كلمة (صباح الخير).. ترتّب سريراً بارداً..

لا تكترث أن تفتح ستائر شبّاكك لتعانق يوماً جديداً وشمساً جديدة، وكيف لنور الشّمس أن ينير ما أُطفئ فيك!

تعدّ قهوتك وتحتسي.. كوباً.. اثنان.. ثلاثة.. مع سيجارة ملّت الاشتعال يوميّاً في هذا المنزل الرّتيب.

****

تتصفّح مواقع التّواصل الاجتماعي، تلقي نظرة خاطفة على ما يحصل في العالم.

سئمت تلك الأخبار المعتادة، والمنشورات الباهتة المزيّنة بالرّياء والكذب

قتلى وموتى وجرحى، احتفالات وأعياد ميلاد ومناسبات شخصيّة لم يملّ النّاس من مشاركتها على الشّبكات..

لا اسم لك بينها، لم تُذكر في تعليق حتّى أو صورة..

وجهك غير المألوف لم يتشاركه أحد في صفحته الخاصّة، لم تقم حتّى بأيّ عمل يجدر ذكره أو مشاركته أو الإشادة به..

لينتهي الأمر بك بإغلاق هاتفك والمتابعة بسيجارة أخرى ..

المنزل مازال غير موضّب، وشاحك لازال على الكرسي مع معطفك منذ أربعة أيّام..

أحذيتك ليست في مكانها المخصّص، الصّحون والأواني لا زالت على الطاولة متّسخة ومليئة ببقايا الأطعمة.

لا يوجد زوّار يحثّك قدومهم على ترتيب هذه الفوضى العارمة، ولا حتّى زائر واحد لتعيد من أجله تنسيق الفوضى الّتي في داخلك من قبل منزلك.

*** عجوز في العشرينيّات من العمر ***

أنا الآن وحيد.. تعيس.. سقيم.. ملّتني جدران المنزل، سئم من سجائري الهواء، وسئمت رئتاي ذات الأكسجين العقيم الّذي لم يثر فيَّ رغبة الحياة والتّواصل والتّكاثر والاستمرار.

وحيد كما لو أنّ غيمة أغدقت رعداً على أذنيّ فما عدت أسمع صوت أحد، ولا أرى وجه أحد، وأغوص أغوص في وحل الأيّام بلا مظلّة ولا حذاء وسند.

كما لو أنّني طفل عاق أضرب عن البرّ به والديه، كعجوز لا عكّاز له ولا يداً حنوناً ولا موتاً رحيماً، لا يحمل سوى ذكريات عمر لم يمضِ ولم يتحرّك منذ خمسة وعشرين عاماً، عمر وددت لو أنّه لم يأتِ، عمر وكأنّه تابوت وأنا فيه الميّت العقيم.

****

بقلم: آية محمود نصر.

تصميم غرافيك: رهام حجلاوي.

****

واقرأ أيضاً في حبر أفكار:

 

واقرأ أيضاً في حبر أفكار:

بداية

روح

جذوري ثابتة .. لأنتمي لي وحدي

اغتصاب الطّفولة

عن الحب .. كتابة إبداعيّة عنه

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة