• الانتحار اللذيذ - حبر أون لاين

الانتحار اللذيذ – المشهد الثّالث

مرّ نهار يومٍ جديد وأنا ما زلت أحملقُ بذلك الأصبع، ذلك الأصبع الّذي كنتُ ذات يوم أشبك يدي به، وذلك الخاتم القرمزي الملطّخ بالدّماء كم كان يحبّه!  الانتحار اللذيذ

أتذكّر ليلة شرائه له، كانت ليلة ممطرة ظلّ طوال الّليل يبحث عنه كالمعتوه..

ماذا يا صغيرتي ! إلى ماذا تنظرين! هل عادت شهيّتك إليه مجدّداً؟

عاد السّكون إلى العالم بعدما هدأت العاصفة.

السّاعة الآن الثّامنة مساءً مرّ يوم كامل يا صغيرتي. عادت الطّيور إلى أعشاشها، وهبط ستار الّليل وأختبأ الجميع داخل جحورهم، وخرج الشّيطان ليرقص على أنغام الخوف ..

وقفتُ على حافّة السّور، نزعتُ سترتي وحذائي وظللت أحملق لأسفل عند تلك النّقطة المضيئة السّاقطة أسفل عمود الإنارة، كانت تسودها بعض أوراق القمامة وفتات خبزٍ مُبعثرة تجمّعت حولها بعض الكائنات الّليلية، وأشيائي الّتي مازالت تتفرش الطّريق..

نظرتُ أمامي فرأيت تلك الفتاة الحمقاء في المبنى المقابل مازالت تُمارس الجنس منذ الأمس مع عشيقها.

تلك الحمقاء لا تعلم أنّ زوجها الأبله قد عاد ويقف خارج الشّرفة يُراقبها.

أشمُّ يا صغيرتي رائحة كريهة، يبدو أنّ هناك عاصفة قادمة، وسيعلن الشّيطان اليوم انتصاره للمرّة الثّانية.

نظرتُ إلى قطّتي الهادئة وجدتها تحملق في الأعلى، تتسلّق الحائط محاولة الوصول إلى هذا العنكبوت الصغير، كانت أرجله مُلتصقة بعلكة أمسكت به وقيّدته ..

يا إلهي! كم هو غريب هذا القدر الّذي جعلها تصير أسيرة لعلكة مُتّسخة! ..

أعينها كانت مُخيفة تدور بالمكان شمالاً ويميناً تبحث عن مخرج لها، كانت تناجي من ينقذها ولكن لا أدري ترى هل كانت تبكي خوفاً؟ أم من اليأس والعجزَ؟

ولكنّ صغيرتي .. قطّتي الصّغيرة كانت جائعة..

تسلّقت الجدار بقوّة وبمخالبها مزّقت أوصال تلك المسكينة الصّغيرة والتهمتها بضربة واحدة لتعلن انتصارها وتفوز صغيرتي..

بدأ همس الّليل يفرش سكونه على المكان.

صرخات تلك الفتاة تدنو أكثر فأكثر، يبدو أنّها المتعة الأخيرة قبل الوادع. رائحة الدّماء تفوح في المكان يا صغيرتي حان رحيلي الآن ..ألن ترافقيني!

لقد كنّا معاً ..

نظرتُ إلى أسفل كل شيء ينتظر قدومي، فردتُ ذراعيَّ كطائر مُحلّق حان موعد طيرانه، لن أختبئ بعد اليوم✋

أغمضتُ عينيّ واستسلمتُ لذلك السّكون المُخيف وسقطت .. وظلّ جسدي يتهاوى لأسفل رويداً رويداً، وكأنّه يُساق في إحدى المشاهد البطيئة ليستغرق ثلاثين عاماً لكي يصل لأسفل.

ثلاثون عاماً ظلّ جسدّي يتهاوى، ثلاثون عاماً مرّت بعمري مرّة أخرى لأصل لعمر امرأة عجوز رحلت يافعة وسقطت عجوزاً مُهشّمةً..

****

بقلم: شيريناز مجدي.

تصميم غرافيك: ديمة عدل.

****

تذكّر:

الانتحار الّلذيذ – المشهد الأوّل هنا

الانتحار الّلذيذ – المشهد الثّاني هنا

****

واقرأ أيضاً في حبر أفكار:

فلتأتي إليَّ دائماً

أذكرك وحدي

حبّات رمل

أنتمي إليك

بداية

عجوز في العشرينيّات من العمر

روح

جذوري ثابتة .. لأنتمي لي وحدي

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة