هل أنت معماريّ …. إذاً أنت رسّام ماهر !!

رغم حقيقة أنّ العمارة هي مزيج من الفنّ والعلم …. لحظة لحظة لا تسمحوا لعقولكم أن تفسر كلمة الفنّ بـ “الرّسم التّشكيليّ”.

صحيح أنّ أعز أصدقاء المعماريّ هو قلم الرّصاص وأقلام التّلوين من مختلف الأنواع، ولديه علاقات وثيقة مع الرّيش والألوان المائيّة.

ولا يمكن أن يخفى عن أيّ أحد لمسات المعماريّ السّحريّة في مزج الألوان وخلق عالم ساحر يعجّ بالألوان والحياة …. ولكن بالرّغم من كلّ ذلك فالمعماريّ ليس رسّاماً مثل بيكاسو ودافنشي.

فليس بالضّرورة أن يجيد المعماريّ رسم الّلوحات أو الوجوه والسّبب ببساطة لأنّه مهندس معماريّ وليس فنّاناً تشكيليّاً.

وإن كان بعض المعماريّين ماهراً في رسم لوحات تشكيليّة أو أشخاص وتماثيل فذلك بسبب موهبته الخاصّة وليس لأنّه مهندس معماريّ .

صحيح أنّ المعماريّ يجيد الرّسم وأنّ قوّته ترتبط بقوّة يده وسرعتها، ولكنّ رسومات المعماريّ لها تسمية خاصّة، وهي الرّسم الهندسيّ، الاسكتشات والمناظيّر إضافة إلى الإخراجات الّلازمة لإظهار فكرته.

كلّ رسومات المعماريّ السّابقة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأشكال الهندسيّة (مكعب، متوازي مستطيلات، هرم، كرة، أسطوانة …) وما ينتج عن هذه الأشكال عند اندماج أحدها بآخر أو اقتطاع أجزاء منها أو تركيبها مع بعضها وهكذا…

فلو فكّكنا أعظم وأجمل وأعقد مبنى في العالم لوجدنا أنّه عبارة عن أشكال هندسيّة دُمجِت وتداخلت مع بعضها بطريقة عجيبة مبدعة لذلك يلقّب كلّ معماريّ بـ ” فنّان”.

وإذا حاولنا تسليّط الضّوء على الفروقات بين رسومات المعماريّ فإنّ الرّسم الهندسيّ يتّصف بالدّقة، وله قواعد يجب الالتزام بها ويكون ناجحاً بقدر دقّته.

وغالباً يُستخدَم الرّسم الهندسيّ لإنشاء المناظير والمساقط الأفقيّة والواجهات، ويستخدم فيها الأدوات الهندسيّة التّقليديّة أو برامج الحاسوب.

أما “الاسكتش”

فهو رسم سريع يكون الهدف منه إظهار أو توضيح فكرة تدور في مخيلة المعماريّ فمثلاً قد يرسم اسكتشاً لجزء من مبنى لإظهار طريقة تسقيفه المميّزة.

أو أن يرسم اسكتشاً داخليّاً ليظهر فكرة ديكور معيّنة داخل غرفة ما، وأهم ما يميّز الاسكتش أن يكون سريعاً ويتمّ باليد دون استخدام الأدوات الهندسيّة.

وسواء كان الرّسم هندسياًّ أم “اسسكتش” فهما متشابهان بكون أساسهما المجسّمات والأشكال الهندسيّة، كما أنّ كليهما يحتاجان إلى الإخراج الّذي يظهر جمالهما.

ومعنى الإخراج هو إضافة العناصر المتمّمة للمشهد العام الّذي يصوّره المعماريّ كالسّماء، الأشخاص، السّيارات والنّباتات وغيرها..

والعجيب في الأمر أنّ هذه الإضافات لها طريقة خاصّة في رسمها في العمارة، وذلك لأنّ الغاية الأساسيّة من إضافتها هي تحديد النّسب بين الحجوم؛ فحجم السّيارات والأشجار والأشخاص شيء ثابت، ويسهل المقارنة بينها وبين أي حجم يجاورها، والغاية الأخرى هي الجمال.

وفي الختام أتمنّى أنّكم قد فهمتهم الطّريقة الّتي يرسم بها المعماريّ..

وأتمنّى منكم في المرّات القادمة الّتي ترون فيها معماريّاً ألّا تضعوا في تصوّركم أنّ الشّخص الّذي أمامكم هو ماهر في الرّسم – وقد يجيد رسمكم –

فرغم مسيرتيّ القصيرة في حياتيّ المهنيّة إلّا أنّني واجهت كثيراً هذه المشكلة وأظن أنّها أزمة بين أغلب المعماريّين والنّاس المحيطيّن بهم.

****

إعداد: م. عبير الزّعيم.

تدقيق لغوي: نور رجب.

تصميم غرافيك: فريق حبر غرافيك.

****

واقرأ أيضاً في العمارة:

جوهر العمارة .. وأسئلة حيّرت الكثيرين حوله.. هل هو علم أم فنّ؟

بلباو الإسبانيّة.. وسحر العمارة يغيّر المعالم الثّقافيّة للمدن

جولة في متحف غوغنهايم بلباو في إسبانيا

السّرّ لتكون “معماري ناجح”: اعرف شيئاً عن كلّ شيء.. وكلّ شيء عن شيء”

****

تابع حبرنا عبر