• الوجوديّة - حبر أون لاين

مصطلحات الفلسفة الوجوديّة ومارتن هايديجر

مفهوم الفلسفة الوجوديّة

الفلسفة الوجوديّة هي مصطلح لفلسفة حرّيّة الفكر والتّعبير. إذ لم يكن لها معايير خاصّة في ظلّ متطلّبات الإنسان البسيط.

فكثيرٌ من المفكرين طرحوا تعبيراً لمفهوم الوجوديّة بدون تفسير، وهذا كان يصعب استيعابه على العقل العادي، إلّا أنّه كانت هناك فرضيّات لشرح المفهوم بدون الوصول لتفسير أعمق لمعناه.

كان سارتر أحد المنادين بمفهوم الوجوديّة؛ وذلك عندما رأى عبوديّة الإنسان وسيطرتها عليه إبّان الحرب العالميّة الثّانية وما تركته من أثر مفجع.

مفهوم مارتن هايديجر للفلسفة الوجوديّة

يطرح لنا هايديجر مفهوماً أبسط للوجوديّة، فقد حاول إثبات مفهوم التّفسير الوجودي وتطويره بما يرتبط بالإنسان وما حوله.

آليّة الفهم وارتباطها بوجود الإنسان

فتحويل الفهم الّلغوي إلى وسيلة تفسير أثبت مدى ترابطنا بمفهوم التّنمية الّتي تساعدنا على استيعاب وجود الإنسان وتفسيره.

فكما قال بأنّ الإنسان كلّما اقترب من الشّيء رآه بعين الفاهم وليس بعين المفسّر، وتلك أولى خطوات إدراك المفهوم التّفسيري لإدراك معنى وجودنا.

فالوجوديّة هي المفهوم الأساسي لمبدأ الفهم، وعلى أساسه يستجيب القارئ لأسلوب معيّن ولا يستجيب لآخر.

فالفهم الأساسي ينقسم إلى شكل لغوي واضح ومفهوم يصل إلى القارئ مباشرة، وأسلوب ينقل على مرمى الكاتب ويحمل فكره الّلغوي الخاص به.

فسياسة الفهم مطروحة في عدّة مجسّدات تعتمد على الاستجابة الّلفظية، وتنقسم لمجسّدات يسيرة الفهم كمفهوم تحويل اللامنتج لمنتج، وهذا تحت تطبيق “مفهوم الاستثمار الاقتصادي”.

فبعض المصطلحات قد ترمى بمفهوم غير مباشر، ولكن الفهم الأساسي لها قد يختلف، ولهذا فالمعرفه المكتسبة

من إدراك الوجود هي معرفه ذاتيّة لإدراك وجوديّة الإنسان مع نفسه واستجابته للتّعبير والتّفسير ليتحوّل مفهومه

الغامض لفهم مباشر، فيصبح انعكاس المعرفة حسّيّ وواضح فكلّما توصّل لتفسيريبحث عنه بحث عن تفسير آخر،

وهكذا يتمّ تطوير الفهم بشتّى الطّرق.

الّلغة والفكر

الّلغة منزل الوجود فهي تجسّد الفكر الإنساني وتحفّز على تطوير أفكارنا، فهي ترتقي بنا وتقدّم لنا سبلاً فكريّة

جديدة، فكلّما تطوّرت علاقتنا بالّلغة زادت معرفتنا الاجتماعية والتّاريخيّة بها.

فالّلغة تتكلّم ونحن نستمع لها ومن خلالها تصل للعالم مفاهيم تنادي بأهميّة الفكر والتّطوّر الّلغوي.

الكلام والقول

ويتميز الكلام عن القول من خلال نقط البيان والمصطلحات الّلغويّة.

فجوهر الّلغة في ذلك المفهوم الغامض الّذي نتجاذب به حواراتنا فمن خلاله نفصح عن القول ونتظاهر بالكلام.

فذلك الصّدع هو جسر يربط بينهم وعلينا تجاوزه

الفلسفة التّحليليّة

تقوم الفلسفة التّحليليّة على فهم فلسفي للفكر من خلال الّلغة، فالفيلسوف التّحليلي يتّبع التّحليل الّلغوي لأيّ

شيء؛ لأنّه من خلاله يبرز مفهوم الفلسفة الّلغوية المعاصرة وأهميّتها، فقد أصبحت الفلسفة تعتمد على الفكر

الحديث الّذي يغزوه مفهوم الثّقافة الفلسفيّة الحديثة.

فمن خلال حالاتنا الفكريّة والنّفسيّة والعلميّة تنشأ دورة بنائيّة لفلسفة الّلغة والحوار، ومع وجود لغات متعدّدة

يتشابك المفهوم الفلسفي من لغة لأخرى.

ولهذا فالاستماع أيضاً جزء من التّحليل الفلسفي؛ لأنّه يظهر أفكارنا ويفسّر محور بناء الّلغة المسموعة وأساسها الّذي يخرج منه الفيلسوف بفكر حديث.

الّلغة الجوهريّة

الّلغة الجوهريّة تجعلنا متميّزين بنهجٍ خاصّ بنا لكي نعبّر عن أنفسنا بأسلوب خاص، فهي تمنحنا عمقاً للإحساس خلافاً عن تفسير الّلغة العاديّة.

فهي لغة بلا صوت ترتقي بلغتنا العادية الّتي تعتمد على الألفاظ وتزيد من نسبة رؤيتنا للعالم بصورة واضحة.

لكلّ شيء جوهر خاصّ به؛ ولهذا يرى هايديجر جوهر الّلغة كونها سلاح نستطيع من خلاله الوصول لأهدافنا.

فالّلغة تتكلّم وقبل أن نتكلّم بها يجب أن نعلم مفهومها الّذي تظهر من خلاله أشياء ما كانت موجودة من قبل.

فهي تحرّك الأشياء نحو الأفضل وتحرّكنا معها نحو أفق أعمق وأكبر، ولهذا فالّلغة سرّ من أسرار الوجود علينا أن نتعلّمه.

التّكنولوچيا

لكلّ حقبة زمنيّة سبل معيّنة في تطوير المفهوم التّكنولوچي الّذي أبعدنا عن التّطوير الذّاتي بما يضمّه من تطوير فعلي لأنفسنا.

تلك الملامح المتطوّرة والحديثة تعرَّض الإنسان لها، فهلع أمامها واتّبعها بشكلٍ صامت، فجعلته يتخلّى عن قيمه ومبادئه في سبيل الحصول على تطوّر أكبر.

ينظر هايديجر للتّكنولوچيا بنظرة الشّاعر والفيلسوف، فكيف يمكننا أن نتأمّل التّطوّر الحديث بدون أن يحوّل التّطوّر الذّاتي والواعي لنا؟

من يتأمّل التّاريخ من الزّواية الوجوديّة لن يجد عالماً واحداً، بل عدّة عوالم برزت لها مفاهيم متطوّرة ولكلّ منها نمط وجودي محدّد.

فقد غيّرت التّكنولوچيا تذوّقنا للحياة ورؤيتنا للتّاريخ وللعلم وكيفيّة مواكبة التّطوّر العقلي، فاستغلالنا للتّكنولوچيا جعل

منّا هدفاً سهلاً للبرمجة غير السّويّة، وعرضة لأيّ خلل قد يصيبنا ويجعلنا نتوقّف ونبتعد عن مسارنا الفعلي.

الوجوديّة مذهب إنساني وأخلاقي

قال سارتر: “إنّ الوجود يسبق الجوهر”

أي أنّه لا توجد طبيعة إنسانيّة ثابتة، وأنّ للإنسان الحرّيّة الكاملة الّتي يخلق منها قيمه الخاصّة ويحقّق الصّورة الكاملة الّتي يتّبعها.

ولذلك فالوجوديّة هي الاعتقاد الكامل الّذي يسبق “الماهيّة”، أي أنّه على الإنسان أن يجعل نقطته الذّاتيّة انطلاقاً

ويثبت وجوده أوّلاً ومع الاستمراريّة عليه أن يصنع ماهيّته ويحدّدها.

فالحرّيّة المعطاة للإنسان عليه أن يفعل بها ما يشاء دون الارتكاز على العوامل البشريّة، وإنشاء محيطه وفكره

الخاصّ، وعليه أن يعيش بما يبنيه من ركائز أساسية لأنّ الوجوديّة تعرف الإنسان من خلال العقل.

ويؤكد هايديجر على أنّ الوجوديّة مسألة تتجاوز الذّاتيّة الدّيكارتيّة، وستظلّ كذلك كون الوجود يسبق النّظرية

وتطبيقها وليس علينا سوى كشفها عن طريق استيعاب العقل لرموزها.

ونختم مع تعريف سريع للدّيكارتية فهي منهج فلسفي ينسب لمدرسة ديكارت، ويقوم على قاعدتين: البداهة، والاستنباط.

وهما عمليّتان تتوالد كلّ منهما عن الفكرة المجرّدة والّتي تتخطّى الأنوار العقليّة.

وكما قال ديكارت: “أنا أفكّر إذاً أنا موجود”

****

المصدر:

تحليل من قراءة كتاب “مصطلحات الفلسفة الوجوديّة” لمارتن هايديجر.

****

إعداد: شيريناز مجدي.

تدقيق لغوي: نور رجب.

تصميم غرافيك: ديمة عدل.

****

واقرأ أيضاً في حبر أدب:

فضيحة تؤجّل جائزة نوبل للآداب لهذا العام

التّبراع .. مذهب الموريتانيّات في الحبّ

طفل الرّماد .. قراءات في نشأة شعر الهايكو الياباني وحضوره في الأدب العربي

جائزة البوكر للرّواية العربيّة .. أصلها ومن فاز بها

أديبات كسرن حاجز النّسويّة.. فكيف تجاوزن حاجز الأدب النّسوي

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة