• فيلم تراب الماس - حبر أون لاين

فيلم تراب الماس .. هل العدالة الفردية هي الحل؟

فيلم تراب الماس بطولة “آسر ياسين، منّة شلبي، ماجد الكدواني وآخرون”

إخراج: مروان حامد

تأليف: أحمد مراد عن رواية “تراب الماس”

فكرة فيلم تراب الماس

     الفيلم يدور حول فكرة تحقيق العدالة بشكل فرديّ، وكلُّ الأحداث الرئيسة والفرعيّة تخدم هذه الفكرة، مبيّنًا اختلاف استجابة الأفراد لغياب دور المؤسسات المعنيّة بتطبيق العدالة وانتشار الأفعال المخالفة للقانون.

ملخص أحداث الفيلم

     يحكي الفيلم قصّة “حسين الزهّار” وهو الشخصيّة المحرِّكة فعليًّا للأحداث. يظهر “الزهّار” رجلًا مقعدًا، يعيش معه ابنه الصيدليّ “طه”. يدخل “طه” إلى منزله في الليل ليجد والده مضرجًا بدمائه وملقًى على الأرض، وتأتيه ضربة مفاجئة من القاتل ليتمكّن من الهرب.

ويدخل “طه” في غيبوبة، يستعيد وعيها منها بعد أسبوع، ويخبره الضابط “وليد سلطان” الذي تولى التحقيق في القضيّة بأنّ والده قد مات.

     هناك تقديم في الحدث ثم الرجوع إلى الخلف عن طريق كشف “طه” لمذكرات والده “حسين الزهّار” بهدف إثارة الغموض والتشويق عند المتلقّي.

يذكر فيها الأب الظروف التي استفزت فيه جانب الشرّ أيام طفولته، فيظهر وهو في السنة الثانية عشرة وقد ترسّخت في ذهنه فكرة “الجزاء والعقاب” منذ صغره، زرعها والده “العم حنفي” في نفسه عندما شكى له أنّ والدته غضبت منه على كسره النافذة رغم اعتذاره إليها بقوله: “أي حاجة غلط نعملها لازم ندفع ثمنها حتى لو تأسّفنا”.

وحكى له حكاية قصيرة عن “جمال عبد الناصر” –المثل الأعلى آنذاك- يؤكّد فيها أنّ هذا الرمز لم يكن يفرّط في حقّه لو أخطأ أحدٌ في حقّه أو حقِّ بلده.

وهذا ما جعله يسوّغ لنفسه شرعيّة فكرة العقاب الفردي عندما يُقدِم على قتل عم “ليتو” اليهوديّ بعد أن اكتشف خيانته لبلده وانحيازه إلى اسرائيل.

ويقول في حوار داخلي: “أبوي قال” ما تخونش حتى لو عشان وحدة بتحبها””، ويتذكّر كلام العم “ليتو” نفسه عندما يقول: “ساعات نعمل غلطات صغيّرة عشان نصلح غلطة كبيرة، غصب عننا”.

     خسر “حسين الزهّار” –بعد أن كبر وتزوّج- أمواله في شركات توظيف الأموال، ثم هجرته زوجته بعد أن أجرى عملية جراحيّة تسببت في إصابته بالشلل نتيجة خطأ طبيّ، لكنّ القانون لم ينصفه ليأخذ له حقّه من الطبيب المعالج، وكانت هذه أسباب استعادة استفزاز جانب الشرّ في نفس “الزهّار” ممّا أدّى إلى ارتكابه الكثير من جرائم القتل بحجة الاقتصاص من الظالمين المضلِّلين الذين لا تصلهم يدُ القانون.

تتابع حالات قتل “الزهّار” للفاسدين الذين يحاكمهم بمحكمته الخاصّة، فيقتل “موسى عطية” و”حلمي عشوش” و”سليمان اللورد” صديق عمره، وأخيرًا “محروس برجاز”.

     يُدفع “طه” –البطل فنيًّا- بن “حسين الزهار” من غير اختيار ووعي منه ليقتل “السرفيس” الذي جاءه إلى بيته يهدده أن يُلغي البلاغ بحقّه وينفي علاقته بقتل والد “طه”، ثمّ يقتل عامدًا الضابط “وليد سلطان” بعد أن عرف أنّه هو السبب الحقيقيّ وراء مقتل والده.

نهاية فيلم تراب الماس

     نعرف في نهاية فيلم تراب الماس أنّ “السرفيس” هو من قتل “حسين الزهّار” والد “طه” بتحريض من الضابط “وليد سلطان”، وعليه فقتل “طه” لهما لم يكن إلا أخذًا بالثأر لأبيه، فلا تختلّ صورة البطل المثاليّة في ذهن المتلقّي.

هل الفيلم يؤّيد فكرة اللجوء إلى العدالة الفرديّة؟

     رغم أننا تعاطفنا مع القاتلَين “طه” و”حسين الزهار” إلا أنّه توجد الكثير من الإشارات التي يمكن أن يتنبّه إليها المتلقي تؤكّد أن فيلم تراب الماس كان ضدّ أن يأخذ كلُّ إنسان حقَّه بيده دون احترام القانون.

أوّلُ هذه الإشارات المقولةُ التي يعرضها الفيلم كتابةً -في بدايته- وهي: “أظلم الأوقات في تاريخ الأمم هي الأوقات التي يؤمن فيها الإنسان بأنّ الشرّ هو الطريق الوحيد للخير” من كتاب “الجمعيات السرية” لـ “علي الأدهم”.

     نهاية القاتلَين تؤكّد أيضًا نفي تأييد الفيلم للجوء إلى تحقيق العدالة بشكل فرديّ؛ فـ”حسين الزهار” الأب خطّط للقتل وقتل عامدًا عن قناعة لذلك نجده قد قُتل أيضًا في نهاية الفيلم.

ونُسي كما تقول “سارة” لـ”طه”، أمّا ابنه “طه” فقد دُفِع دفعًا لذلك فكانت نهايته أفضل بأن قرّر العيش بسلام بعيدًا القتل، تقارب مع البنت التي أحبّها منذ رآها أول مرّة “سارة” وإن تركت حوادث القتل أثرًا سلبيًّا في نفسيهما.

أُمنية

     ما نتمناه دومًا على الدراما والسينما هو تقديم عملٍ فنيٍّ للعائلة، والبعد عن المشاهد والألفاظ والإشارات والتلميحات الجريئة، وقد حوى الفيلم هنا بعض المشاهد الخادشة للحياء التي يمكن الاستغناء عنها دون أن تخلّ بالحبكة والقيمة الفنيّة للعمل.

كلمة أخيرة

     فيلم “تراب الماس” لاقى نجاحًا كبيرًا عند المشاهدين والنقاد رغم عاديّة الصورة والإضاءة أو ما يُسمى بلغة السينما “البعد عن الإبهار”، وكذلك الصوت في بعض المواضع.

صحيح أنّ السينما صناعة وأنّ الصورة والإضاءة والصوت عواملُ تساهم في نجاح الفيلم لكن تبقى القضايا المطروحة فيها وطريقة تناولها وأداء الممثّلين وعمق الحوار والحبكة الفيصلَ في القبول والمشاركة الوجدانيّة لدى متلقيها.

****

بحبر: د. أمينة الحمد

تدقيق لغوي: نور رجب

تصميم غرافيك: فريق حبر غرافيك

****

واقرأ أيضاً في حبر فن:

فيلم صاحب المقام.. يسرى وآسر ياسين في حضرة الروح والإيمان

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

لا يوجد تعليقات