علي الوردي .. وثقافة الاختلاف..
إن أردت أن تمرّن عقلكَ على تقبل الآخر وتتقن ثقافة الاختلاف فما عليك سوى أن تقرأ لـ” علي الوردي “.
وإن أدرت أن تعرف جذور “المشكلات” التاريخية فتكتسب فهماً عميقاً لها بعيداً عن السطحية التقليدية فاقرأ لـ” علي الوردي “.
حين تقرأ لـ” علي الوردي ” فأنت على موعد مع نفض الغبار عن فكرك القديم واستبداله بفكر جريء جديد.
فمن هو علي الوردي ؟
كاتب وعالم اجتماع عراقي، ولد في بغداد في مدينة الكاظمية عام 1913 .
لقب عائلته “الوردي” نسبة إلى جده الأكبر الذي كان يعمل في صناعة تقطير ماء الورد.
ترك مقاعد الدراسة ليعمل صانعاً عند عطار لكنه طرد من العمل لأنه كان ينشغل بقراءة الكتب والمجلات ويترك الزبائن ثم عاد للالتحاق بالمدرسة وأكمل دراسته وأصبح معلماً.
حصل على المرتبة الأولى في الدراسة الثانوية ليلتحق بعدها ببعثة دراسية إلى الجامعة الأمريكية في بيروت وحصل على البكالوريوس ثم أُرسل في بعثة أخرى إلى جامعة تكساس الأمريكية ليحصل على الماجستير ثم الدكتوراة.
عُيّن مدرساً لعلم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة بغداد وكتب وألّف العديد من البحوث المهمة والكتب والمقالات دون أن يلتفت إلى مستقبله الشخصي.
الفكر الوردي:
- تأثر علي الوردي بمنهج ابن خلدون في علم الاجتماع من حيث الموضوعية والواقعية في البحث مما أوقعه في مشاكل كبيرة لأنه لم يتخذ المنهج الماركسي ولا المنهج القومي.
- كما تأثر بالجاحظ في منهجه العقلاني وتحليلاته الاجتماعية والنفسية للسلوك البشري.
- درس طبيعة المجتمع العراقي بالتفصيل ذاك المجتمع الذي أرهق حكّامه وأرهقه الحكّام، حيث حلل الشخصية العراقية وأفرد لها الكثير من أبحاثه وكتبه وأسقط جغرافيا العراق وتاريخها على تكوين الشخصية العراقية تلك.
- دعا إلى إعادة النظر في الخطاب الديني والفكري والاجتماعي والسياسي وإلى ضرورة أن ننزل من أبراجنا العاجية فنعي واقعنا بكل إيجابياته وسلبياته.
- عُرف بأفكاره الجريئة البعيدة تماماً عن الفكر التقليدي ونعرض لقارئنا منها:
- إيمانه بالنسبية بين الخير والشر أي أنه لا يوجد خير مطلق ولا شر مطلق، فكل أمر في هذه الحياة هو مزيج من نسبتَي “الخير والشر”.
- نقده لمنطق الوعظ الأفلاطوني الذي اعتبره منطق المترفين والظلمة.
- رؤيته للتاريخ على أنه لا يسير على أساس التفكير المنطقي بل على أساس ما في طبيعة الإنسان من نزعات أصيلة لا تقبل التبديل، والأخلاق ما هي إلا نتيجة من نتائج الظروف الاجتماعية.
- دعوته لنبذ الخلافات الطائفية حيث طالب بالنظر إلى موضوع الخلاف على أنه خلاف تاريخي تجاوزه الزمن.
عراقي حتى النخاع:
كان علي الوردي يعيب على بعض المؤرخين نسبتهم بعض الشخصيات لغير العراق مثل:
- الإمام أبي حنيفة الذي نسبه البعض إلى بلاد الأفغان بينما هو رجل عراقي من عرب العراق الذين استوطنوه قبل الإسلام.
- ويعيب عليهم قولهم أن الشيخ عبد القادر الجيلاني إيراني الولادة في ظل روايات تقول بعراقية مولده.
- وكذلك في نسبة الجواهري إلى فارس وهو العراقي الصميم.
وفاته:
توفي العلامة الدكتور علي الوردي عام 1995 بعد صراع مع مرض السرطان ولم يتمكن الأطباء من معالجته لافتقار المشافي العراقية آنذاك إلى الأدوية والمستلزمات الطبية بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على العراق فسافر إلى الأردن لتلقي العلاج ثم عادد للعراق ليقضي نحبه في بلدٍ قضى عمره في تحليل شؤونه.
لمحة عن أعماله:
من أروع ما كتب علي الوردي “مهزلة العقل البشري” الذي سنوافيكم بحديثٍ مفصل عنه في مقال قادم.
كما كتب “وعاظ السلاطين” و”خوارق اللاشعور” و”من وحي الثمانين”
و”أسطورة الأدب الرفيع” و”دراسة في طبيعة المجتمع العراقي” وغيرها من الكتب التي تنقل قارئها إلى عالم من الرقي يتجلى في فهم “الآخر” وتقبله.
****
إعداد: منال مكتبي.
تصميم غرافيك: علا حموي.
****
واقرأ أيضاً في حبر أدب:
هاني الراهب .. روائيّ وحياة أشبه برواية..
قواعد العشق الأربعون .. عزفٌ منفرد على أوتار الروح ..
أثر الحداثة والمعاصرة في مجتمعنا
أبرز الرّوائيين العرب وأهم أعمالهم .. أسماء لمعت بحبرها
مشكلة الأفكار في عالمنا.. ودعوة لحلها..
رضوى عاشور .. زوجة الأديب.. وأمّ الشاعر.. رحمكِ الله..
ماذا قال حبر الرّوايات في 2018؟.. أهم الرّوايات العربيّة الصّادرة عام 2018
الحبّ بين الواقع والخيال .. قراءة نقديّة
مفهوم الثّقافة الدّينيّة وحضوره في الأدب
****
تابع حبرنا عبر