• ساق البامبو - حبر أون لاين

ساق البامبو .. بلا جذور

“أنا لم أختر اسمي لأعرف السّبب، كلّ ما أعرفه أنّ العالم كلّه قد اتّفق على أن يختلف عليه!” – ساق البامبو –

إنّها تلك الجملة الّتي تشدّ انتباهك لشراء هذا الكتاب، والخوض في غمار صفحاته، لمعرفة السّرّ وراء قوّتها.

قولٌ يمثّل بدايات من فيض إحساس، وخلجات في النّفس تدفعك لتكمل ما سطّره هذا الاقتباس، ورسم لنا البداية لنكمل إلى النّهاية مع سطورها.

إنّنا نتحدّث عن الكاتب الكويتي سعود السّنعوسي صاحب كتاب  ” ساق البامبو ” الصّادر عام 2012، والكتاب هو رواية تقع في ثلاثمئة وست وتسعين صفحة.

وتنقسم الرّواية إلى أربعة فصول إضافة إلى الفصل الأخير، حيث تناول كلّ فصل عنواناً يختصر رحلة بطل الرّواية بطريقة عذبة ومعبّرة .

وقد حصدت الرّواية بجدارة الجائزة العالميّة للرّواية العربيّة “البوكر” عام 2013، وجائزة الدّولة التّشجيعيّة في مجال الآداب عام 2012.

قصّة ساق البامبو

تحكي الرّواية قصّة شابّ يدعى (عيسى) مولود من أمّ فلبينيّة وأب كويتي، يبحث عن هويّته في أرض أبيه ولكن بملامحه الفلبينيّة.

عاش عيسى أو هوزيه مع أمّه في بلادها حتّى بلغ الثّامنة عشرة، وبدأت هنا رحلته في البحث بين هويتين عن انتمائه.

يبحث عيسى عن انتمائه بين الأوراق الرّسميّة الّتي تثبت انتماءه إلى وطن يرفضه ويلفظ ملامحه الفلبّينيّة.

في الرّواية سلسلة معانٍ قريبة من القارئ يعرضها سرد جميل مدهش، يخفي بين طيّاته رحلة شقاء وعذاب عاشها البطل “عيسى”، كما يسلّط الضّوء من خلاله على مجموعة وقائع وقضايا في المجمتع الكويتي.

وتتصاعد وتيرة الأحداث مع حيرة عيسى وعدم قدرته على الانتماء إلى إحدى الهويّتين لتصل إلى النّهاية بمفاجآتها.

مقتطفات من ساق البامبو

هو عيسى الّذي أرّق حلم الرجوع لوطنه مضجعه كل يوم، وقد رسمت له أمّه معالم الطّريق دون أن تدري أنّ حلم الانتماء الّذي يبحث عنه ولدها قد أجهضه العار.

هو حبّ الوطن الّذي يجري في دمه والّذي لم تستطع ملامحه أن تخفيه. ولا أجمل من هذا القول:

“الموت ذاته يقف عاجزاً أمام الأمل في الّلقاء، وإن كان لقاء من نوع آخر. في عالم آخر. ليس وفاؤنا للأموات سوى أمل في لقائهم وإيمان بأنهم. في مكان ما، ينظرون إلينا.. وينتظرون”

هو هوزيه ،خوسيه، جوزيه أو عيسى حاله كحال ساق البامبو ،جذوره في مكان وفروعه في مكان آخر.

هي قصّته المختصرة في هذا الاقتباس الّذي شدّني :

“لو كنت مثل شجرة بامبو لا انتماء لها نقتطع جزءاً من ساقها نغرسه، بلا جذور في أي أرض، لا يلبث السّاق طويلاًحتّى تنبت له جذور جديدة تنمو من جديد في أرض جديدة بلا ماض بلا ذاكرة لا يلتفت النّاس حول تسميته، كاويان في الفلبين، خيزران في الكويت أو بامبو في أماكن أخرى”.

قلّما تطرّقت أقلام الكتّاب إلى هذه القضّية في معالجتها وذكرها فجاء – سعود السّنعوسي – بأسلوبه الرّاقي على سردها وتقديمها.

والجدير بالذّكر أنّ هذه الرّواية قد تحوّلت إلى عمل تلفزيوني يحمل اسم الرّواية نفسها ( ساق البامبو ) سنة 2016 بإخراج محمّد القفّاص، وقد جسّد شخصيّة البطل (عيسى الطّارووف) الممثّل الكوري وون هو تشانغ.

ولا يسعني أخيراً إلّا أن أثني على هذا العمل الجميل لكاتبنا في طرح مثل هذه القضايا الحيويّة التّي تحتاج فعلاً لتسليط الضّوء عليها.

فجميلة هي أقلام كتّابنا عندما تمطر علينا كلماتهم بكلّ براعة السّرد وجزيل الوصف لنبقى دائماً بانتظار ازدهار المزيد.

****

إعداد: مروه الأدهم.

تدقيق لغوي: نور رجب.

تصميم غرافيك: ديمة عدل.

****

واقرأ أيضاً في حبر أدب:

ما السّرّ وراء رواج كتب التّنمية البشريّة ؟

ترانيم في كواليس الحرف .. قراءة لمجموعة خواطر ” تقوى مليّس “

مصطلحات الفلسفة الوجوديّة ومارتن هايديجر

جبران ومي.. الحب الصوفي السّامي

أحمد خيري العمري.. مزيج من الإبداع بلمسة راقية

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة