• صديقي - حبر أون لاين

صديقي

بعد سبعة أعوام على انفصالي قضيت نصفها في الوهم والاتتظار والشّرود في الصّلاة والبؤس، تركت نفسي فيها أسيرة ذلك الفراغ الّذي كان ينهش بي. صديقي

كانت كتبي تحتلّ المركز الأوّل من الإهمال، نسيت دراستي ووأدت طموحي، وأنزويت بنفسي مكتفية بسريري وقلمي وكرّاسة صغيرة كنت أبوح لها بمكنونات صدري.

** صديقي **

أصدقائي الّذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد قد رفعوا راياتهم البيضاء أمام إقناعي باعتزال هذه الوحدة.

عصفوراي العاشقان قد غادرا شبّاك نافذتي بعد محاولاتهم اليوميّة بالنّقر على شبّاكي لإطعامهم.

إلّا أنت.. كنت صديقي الصّدوق في هذه المحنة ولم تغادرني، حاولت جاهدة التّخلّص منك إلّا أّن محاولاتي كانت تجرّ أذيال الخيبة وراءها في كلّ مرّة أسعى بها للتّخلّص منك..

حينها قرّرت أن أتّخذ منك صاحباً أشدّ به أزري .

في اليوم الّذي تلا هذا القرار المجنون استيقظت باكراً فهرعت مسرعة إلى مرآتي أتلمّس وجهي، وإذ بك قد غيرّت معالمي!!

فاستبدلت بابتسامتي شكلاً أشبه بحرف (ب) ولكن بالمقلوب، ولوّنت جلدي بصبغة شاحبة الّلون، وتعمّدت عقدَ حاجبيّ وإكسابهما طابعاً من الحزن.

انسحبت بهدوء من أمام مرآتي ولم أسألها من الأجمل؟ أنا أم الفتاة الّتي اتّخذت منك صاحباً؟؟ وذهبت إلى نافذتي اتفقّد عصفوراي ولكن لم أرَ شيئا .

أخبرتني يا صديقي أنّ أمامنا يوم شاقّ ومتعب فعزمت على توضيب نفسي لهذا اليوم..

بدأت بترتيب سريري وجمع بقايا أوراق الشّوكولا وأكياس رقائق البطاطس المتناثرة هنا وهناك، وأودعت كرّاستي المتخمة الّتي تغصّ بما يبوح لها صدري في الدّرج العلوي ذو الأقفال المحكمة.

ومناديلي المبلّلة بدموعي أطعمتها للمدفأة ويبدو أنّها سعيدة بهذا الطّعم!!

هااااا لقد تذكّرت (المذياع) حالما جاء صوت المذيع معلناً عن أغنية فيروز (أنا لحبيبي وحبيبي إلي) ركضت مسرعة في سباق معها لإسكات صوت المذياع فلم تعد تطربني كلماتها كما الأوّل.

هاتفي المحمول المختبئ تحت وسادتي يلفظ أنفاسه الأخيرة فقد كان نصيبه أن يتحمّل القسم الأكبر من غضبي، وأن يرتطم مراراً في زوايا غرفتي أغلقته وأودعته مكانه متمنيّة له ليلة سعيدة.

لم يبقى أمامي سوى شعري ماذا أفعل به؟

فقد كان شلّالًا من الّلون الخرنوبي، واليوم حاله كحال أوراق الخريف المتساقطة، جمعته بعشوائيّة على شكل ذيل حصان.

وارتديت قميصاً أبيض الّلون طُرِّزت عليه بعض الزّهور الملوّنة وبنطالاً أسود الّلون فضفاضاً.

لم أضع على وجهي من مساحيق التّجميل سوى بعض الرّتوش الّتي ساعدت على إخفاء الّلون الشّاحب في بشرتي، واكتفيت بأحمر شفاه طبيعيّ الّلون كدواء لشفتيّ المتشقّقتين.

ها أنا قد انتهيت..

رمقت غرفتي بنظرة الوداع وأغلقت الباب خلفي وسرت بخطاً مثقلة بالتّعب وضممت يدي بيد صديقي (الاكتئاب) وسرنا في رحلة بعيدة عن هذا العالم .. بعيدة عنك

وعن أعوامك السّبعة.

****

بقلم: مروه الأدهم.

تصميم غرافيك: ديمة عدل.

****

واقرأ في حبرنا لمروة الأدهم:

تجاوزتك

مساء الخير

أنا وأنت وهم

سأخبر الله

روح

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة