• العلاج المناعي - حبر أون لاين

العلاج المناعي نقطة تحوّل مهمّة في جهود الباحثين لمحاربة السّرطان

وفقاً للوكالة الدّوليّة لأبحاث السّرطان التّابعة لمنظّمة الصّحّة العالميّة، تسبّب السّرطان بوفاة نحو 9 ملايين حالة حول العالم في عام 2018 وحده!!

وستجيب هذه المقالة عن العديد من التّساؤلات حول:

 ما هو السرطان؟ وكيف يعمل الجهاز المناعي في أجسامنا؟ وما هو العلاج المناعي ؟

ما هو السّرطان ؟

السّرطان هو تغيّرات في الجينات الّتي تتحكّم بنموّ خلايانا بحيث يبدأ نموّ بعض خلايا الجسم بالانقسام بشكل غير طبيعي وسريع الانتشار في الأنسجة المحيطة.

ويكون هذا النّمو الشّاذ خارج نطاق سيطرة الجسم، بحيث تستطيع الخلايا السّرطانية أن تتجاهل الإشارات الّتي تخبر الخلايا عادة بوقف الانقسام الشاذ أو الدّخول في الموت الخلوي للتّخلّص منها.

وقد تتمكّن الخلايا السّرطانية من التّأثير على الخلايا الطّبيعيّة والجزيئات والأوعية الدّمويّة الّتي تحيط بها من أجل تغذية الورم.

كما تستطيع الخلايا السّرطانية في كثير من الأحيان التّهرّب أو الاختباء عن جهاز المناعة ![1]

إذاً دعونا نكتشف كيف يعمل الجهاز المناعي؟

عندما نتحدّث عن “جهازنا المناعي”، فإنّنا نقوم بوصف شبكة معقّدة ورائعة من الأعضاء والأنسجة والخلايا المتخّصصة الّتي تحمينا من العدوى والأمراض.

حيث يعمل جهازنا المناعي كما ينبغي له، فإنّه يتعرّف على الخلايا غير الطّبيعيّة والجراثيم المضرّة (الكائنات الحيّة المعدية الّتي تسبّب المرض) ويقضي عليها.

وقد تطوّر جهاز المناعة أيضاً وأصبح يتعرّف على الخلايا السّرطانيّة ويقضي عليها.

كيف يحارب جهاز المناعة السّرطان؟

إنّ أبسط خلايا الجهاز المناعي تكتشف بشكل تلقائي البكتيريا الّتي تجتاح الجسم والخلايا السّرطانية.

وقد تطوّرت خلايا الجهاز المناعي الأكثر تخصّصاً مثل الخلايا الّلمفاوية البائيّة والتّائيّة وتعلّمت كيف تتعرّف على الأهداف الجديدة.

لنتخيّل أنّ الخلايا الّلمفاوية هي حارسة نقطة الحدود “جواز السّفر من فضلك”.

فكلّما صادفت الخلايا الّلمفاوية البائيّة والتّائيّة أيّ خليّة أخرى، فإنّها تتحقّق من هويّتها من خلال مقارنة البروتينات الظّاهرة فوق سطح الخليّة.

وإذا ثبت لدى الخلايا الّلمفاوية أنّها خليّة “صديقة”، فإنّها تسمح لها بالمرور. لكن إذا كانت البروتينات الطّافحة على سطح الخليّة غير طبيعيّة ستعتبرها خليّة “عدوّة” وتطلق صفّارة الإنذار وتُشغّل بالتّالي نظامها الهجومي وترسل أيضاً إشارات للحصول على الدّعم من باقي الجهاز المناعي.

هذا يعني قدرة الجهاز المناعي في القضاء على كلّ السّرطانات أثناء نموّها بشكل تقريبي.

ولكن من الممكن أن تَكُون الخلايا السّرطانية شبيهة تقريباً بالخلايا الإنسانيّة العاديّة، اذ يعمد السّرطان في هذه الحالة إلى استعمال أسلوب تمويه طبيعيّ لخداع الجهاز المناعي ودفعه للاعتقاد بأنّ الخلايا السّرطانية هي خلايا طبيعيّة.

وهنا لا يستطيع الجهاز المناعي التّعرّف عليها وبالتّالي يؤدّي إلى نمو هذه الخلايا وانتشارها وتشكيل الورم.

وهناك طرق مختلفة يتعلّم بها السّرطان كيف يفلت من الجهاز المناعي، فبقدر ما يتطوّر الجهاز المناعي ويتعلّم بقدر ما يفعل السّرطان أيضاً[2].

اكتشف مختبر علم المناعة الخاص بدكتور أليسون في جامعة كاليفورنيا ببيركلي، أنَّ الحيلة تتضمّن بروتيناً ضمن الخليّة التّائيّة يُسمّى CTLA-4  عند تنشيط الخلايا، يعمل البروتين على قطع الاستجابة المناعيّة.

وتلك البروتينات المثبّطات، الّتي يُطلِق عليها أليسون «الحواجز»، تُسيطر على الخلايا التّائيّة القاتلة لئلّا تقضي على خلايا الجسم السّليمة. لكنَّ السّرطان يستفيد من تلك المثبّطات من أجل البقاء والنّمو.

اكتشاف العلاج المناعي

شكّل العلاج المناعي ثورة في علاج الأورام بعد اكتشافه إذ أثبت فعالية كبيرة في الشّفاء من السّرطان.

بل يتوقّع خبراء العالم في الأورام بأنّه ربّما يكون العلاج الشّافي من السّرطان المناعي، وخاصّة بعدما ثبت نجاحه في علاج سرطان الجلد، والرّئة، والكبد والكلى، والمثانة، والمعدة، وحاليّاً الأبحاث تجرى عليه لعلاج سرطان الثّدي.

إنّ هدف العلاج المناعي هو تحريض الجهاز المناعي لمهاجمة الخلايا السّرطانيّة عبر استهداف البروتينات (الانتيجينات) المرتبطة بالسّرطان.

أو استخدام مواد معدّة خارج الجسم مثل  أجسام مضادة أحاديّة النّسل (monoclonal antibodies ) والّتي لا تستطيع الخلايا الّليمفاويّة بإنتاجها بل يتمّ حقنها بالجسم.

الأجسام المضادّة عبارة عن بروتينات تنتج بوساطة الجهاز المناعي وترتبط بالأنتيجين المستهدف على سطح الخلايا.

في الظروف الطّبيعيّة، فإنّ الجسم يصنع هذه الأجسام المضادّة ويستخدمها لمحاربة الجراثيم والأجسام الغريبة، بحيث يكون كلّ جسم مضادّ مصنَّع خصّيصاً لنوع معيّن من البروتينات الخاصّة بالجراثيم.

أهم البروتينات المستهدفة من قبل الأجسام المضادّة هي مستقبلات الخلايا السّطحيّة (الموجودة على سطح الخلايا) وتشمل على سبيل المثال:

CD20, CD274, CD279. حين يرتبط الجسم المضاد بالأنتيجين المستهدف، فإنّه يحفّز قتل الخلايا عبر السّمية المناعية الخلويّة cell (mediated cytotoxicity)، كما يحفّز النّظام المتمّم أو يمنع المستقبل من التّفاعل مع ربيطته.

(الربيطة عبارة عن أي جزيء يرتبط بالمستقبِل ويحفّزه على أداء وظيفة معيّنة).

وهناك العديد من الأجسام المضادّة الّتي تمّت الموافقة على استخدامها لعلاج مختلف الحالات المرضيّة مثل Alemtuzumab, Ipilimumab, Nivolumab, Ofatumumab Rituximab [3].

الآثار الجانبيّة للعلاج المناعي

ترتبط بزيادة نشاط الجهاز المناعي عوضاً عن كبته على نحو ما يقوم به العلاج الكيماوي، إذ لا يمكن بشكل واضح معرفة ما إذا كان العلاج المناعي للسّرطان سيُحدث تغييرات دائمة في جهازك المناعي.

غير أنّ تأثير العلاج على جهازك المناعي سيستمرّ حتّى بعد التّوقّف عن تناوله. وفي بعض الحالات لا يظهر أيّ تحسّن في حالة الأشخاص الّذين يخضعون للعلاج المناعي للسّرطان إلّا بعد مرور ستّة أشهر على توقّف تناول العلاج.

في نهاية المقال..

ننصح باتّباع أمور أساسيّة للحفاظ على قيام الجهاز المناعي بوظائفه بشكل جيّد؛ مثل أن تتناول الغذاء المتكامل مثل الحبوب والخضروات والفاكهة والبروتين وعدم الإكثار من الوجبات السّريعة والدّهون والسّكريّات، وممارسة الرّياضة والنّوم جيّداً.

****

المصادر والهوامش:

[1] https://www.cancer.gov/about-cancer/understanding/what-is-cancer

[2] https://www.10forio.info/ar/how-does-the-immune-system-work

[3] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9_%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9_%D9%84%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%B7%D8%A7%D9%86

****

إعداد: نسرين قصّاب.

تدقيق لغوي: نور رجب.

تصميم غرافيك: علا حموي.

****

واقرأ أيضاً في حبر علوم:

وأخيراً.. وجد علماء الرّياضيّات الصّيغة الأفضل لـ ” فقاعة ” الصّابون المثاليّة

جائزة نوبل في الطب لعام 2018 تحارب مرض السّرطان

DNA المضيء ودوره في الكشف عن البروتين السّكّري!

الكيميرا في جسم الإنسان.. عند من توجد.. كيف توجد.. وما دورها؟

الكيميرا البشريّة/ الحيوانيّة .. هل يمكنها صنع أعضاء بشريّة؟!

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة