• التّبراع - حبر أون لاين

التّبراع .. مذهب الموريتانيّات في الحبّ

التّبراع .. مذهب الموريتانيّات في الحبّ

تعدّدت لغات الحبّ للتّعبير عن المشاعر سواء في الأدب والغناء والغزل والشّعر الذّي يعدّ من أكثر أدوات الأدب انتشاراً وبلاغاً وإسهاباً، حيث يرتبط الغزل في الشّعر العربي بالتّعبير عن حبّ الرّجل للمرأة.

وفي أوساط المجتمعات العربيّة يُعتبر المجتمع الموريتاني من أكثر المجتمعات العربيّة والأفريقيّة محافظةً على منظومة تقاليده وأعرافه الاجتماعيّة والثّقافيّة الصّارمة.

وهذه الأعراف تَحظُر على المرأة البوح بمشاعرها العاطفيّة أو التّعبير عمّا يختلج في صدرها من رغبات وأحاسيس تجاه محبوبها.

وأمام هذه الحالة من الكبت استطاعت المرأة الموريتانيّة أن تفتح ثغرة في سور العادات والتّقاليد مكّنتها من البوح بمكنونات قلبها، وإبداع لون أدبي جديد له خصائصه الفنّيّة والبنيويّة، وهو ما يُعرف في الثّقافة المحليّة الشّعبيّة بـ ( التبراع ) .

التّبراع

يعتبر أحد أهمّ أجناس الأدب الموريتاني قديماً وحديثاً، وقد عرّفوه بأنّه شعر نسوي لهجي له قالب فنّي يعتمد على بيت ثنائيّ الشّطرين مزدوج المصراعين في القافية، مخالفاً بذلك البنية الرّباعيّة للشّعر الّلهجي الرّجالي وهو ما يُعرف باسم (الّلغن).

أمّا الشّيخ “سيدي عبد الله” المتّخصّص في الدّراسات النّقديّة فيرى أنّ كلمة ( التّبراع ) هي تحريف لمصطلح ( الترباع ).

وهو ما يعني وجود علاقة بين اسم هذا اللون الشعري في موريتانيا واسمه في باقي بلدان المنطقة (المغرب العربي) التي يسمى فيها بـ (الرّباعيّات).

وقد تكون هذه الكلمة مشتقّة من مصطلح عربي فصيح وهو (التّبرّع) حيث المرأة تتبرّع لحبيبها بـ (تبريعة) من دون أن تُعرف من قائلة هذه التّبريعة.

خصائص في الّتبراع

كما أنّ نساء (التبراع) يعتمدن على استعمال الأسماء غير المتداولة في محيطهنّ للتّغزّل بالمحبوب في مضامينه.

وهكذا يُستبدل باسمه آخرُ مستعار يتمثّل أحياناً في فعل تمنّي أو صيغة اسميّة تدلّ على أنّ التّكتّم على اسمه أمر مقصود.

وفضلاً عن السّرّيّة المحاطة بإنتاج ( التّبراع ) فإنّ طريقة إنشاده والاستمتاع به لا تقلّ سرّيّة عن ذلك، حيث تنزوي النّسوة بعيداً عن الأعين ليتغنّين بالمحبوب مع الالتزام بالرّمزيّة والإيحاء.

وتقول إحدى الفتيات في التّبراع:

لا ترقد عني … حمة ذ السقم الماكني

(معناها أنّها أصيبت بالحمّى من شدّة الشّوق إلى حبيبها)

من متن البي … وسيت الدشرة بادية 

(ويعني أنّ الفتاة عشقت حبيبها لدرجة أنّها لم تعد تميّز بين المدينة والبادية)

وبين جنّة الحبّ ونار المجتمع المحافظ وتقاليده تبدع المرأة الموريتانيّة تبراعاً يقطر رقّة وعاطفة.

ومع التّغييرات العمرانيّة ودخول التّكنولوجيا على حياة الموريتانيّين لم تعد المرأة تجد الصّعوبة في لقاء حبيبها.

ومع ظهور بعض (الأشوار) الغنائيّة القصيرة الّتي يجري فيها تلحين مثل هذا النّوع قد أسهم في تحريف الصّورة العاطفيّة الّتي ألفها النّاس عن فنّ التّبراع.

فالتّبراع ليس حبّاً في عطاء أو شهرة وإنّما هو ترويح عن قلب مكلوم ونفس معذّبة.

****

المصادر:

المصدر 1        المصدر 2        المصدر 3

****

إعداد: مروة الأدهم.

تدقيق لغوي: نور رجب.

تصميم غرافيك: ديمة عدل.

****

واقرأ أيضاً في حبر أدب:

 أديبات كسرن حاجز النّسويّة.. فكيف تجاوزن حاجز الأدب النّسوي

طفل الرّماد .. قراءات في نشأة شعر الهايكو الياباني وحضوره في الأدب العربي

فضيحة تؤجّل جائزة نوبل للآداب لهذا العام

جائزة البوكر للرّواية العربيّة .. أصلها ومن فاز بها

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة