• وسائل التّواصل الاجتماعي - حبر أون لاين

كيف ستكون حياتنا خارج أسوار وسائل التّواصل الاجتماعي

أتسائل كثيراً ماذا سيكون حالنا إن لم تكن هناك وسائل التّواصل الاجتماعي ؟!

فيسبوك .. واتس ..ماسنجر..تويتر..انستغرام..

هل سنكون أكثر اطمئناناً وحبّاً؟ لربّما سنكون أقلّ مقارنة وأكثر رضىً، وأبعد عن الاكتئاب والملل.

باتت هذه الوسائل تتدخّل في كلّ جزئيّات حياتنا .. أعرف أنّ الكثيرين كتبوا عن تلك الوسائل وآثارها الإيجابيّة والسّلبيّة على حياتنا.

ولكن أنا اليوم لست بصدد هذا، أنا اليوم أكتب لنتخيّل مع بعضنا كيف كنا سنعيش لو لم تكن تلك الوسائل الّتي تصلنا بكلّ العالم في كلّ دقيقة وثانية موجودة؟؟

فقدان القيمة لكلّ شيء:

لربّما سنكون أكثر احتكاكاً مع الطّبيعة بكلّ شيء فيها، ولربّما سنفهمها أكثر وسنفهم أنفسنا أكثر.

سنكون أكثر جمالاً وصدقاً مع كلّ إيجابيّات تلك الوسائل ومساعدتها لنا على التّطوّر والتّعلّم بشكل أسرع.

لكنّها أفقدت وسائل التّواصل الاجتماعي كلّ شيء ميزته في الحقيقة، لم يعد للتّميّز وجود مع الكمّ الهائل للمعلومات والعبارات والصّور والّلوحات والكتابات والأخبار الّتي نقرؤها كلّ يوم، ولا قيمة لها لأنّنا كلّ يوم بحاجة للجديد الّذي أفقدنا جمال القديم وقيمته، أصبحنا مسجونين في إطار هذه الوسائل بكلّ مخلّفاتها المزعجة، أصبحنا بالرّغم من هذا التّطوّر والتّسلية أكثر عجزاً ومللاً ومقارنة.

كيف كان آباؤنا وكيف نحن الآن:

لم نعد كما كان أهلنا في السّابق، كانوا جيلاً نشيطاً قويّاً في بنية جسده وعقله، يتحمّل المسؤوليّة والمصاعب، الآن شبابنا وأطفالنا يضيعون أوقاتهم على تلك الهواتف والوسائل والشّاشات.

أصبحنا أقلّ رضىً لأنّنا نرى كلّ يوم الكثير من الصّور، الموضى، الملابس، الشّعر، الماكياج، السّيّارات، البيوت، وسائل التّرفيه……

لم نعد نحتمل هذا الضّخّ كلّه عبر وسائل التّواصل الاجتماعي ، فبتنا نقارن أنفسنا بكلّ تلك الأشياء مع أنّه في الغالب ما يُرى في تلك الوسائل هو غير الحقيقة تماماً.

فالنّاس ينشرون عبرها ما يحبّون اظهاره فقط، وتناسينا الحقيقة الّتي ركّز عليها آباؤنا فعاشوا بسعادة وهو ما يسمّى” القناعة “، الشّكر على الصّحّة على الدّوام، صحيح أنّ آباءنا في الغالب لم يحظوا بدراسة كما نحن الآن ..لكن كانوا أكثرسعادة.

حالنا إن لم تكن وسائل التّواصل الاجتماعي موجودة:

نحن نكبر وبأيدينا تلك الهواتف المقيتة، مسجونون داخلها نضيع أكبر فرصة للتّعرّف على الحياة الحقيقية، وليست الافتراضية.

نضيع فرصة الاحتكاك بالطّبيعة.. التّأمّل.. والتّفكّر.. حتّى الحبّ فقد كثيراً من تفاصيله؛ تلك الرّسائل الورقيّة المعطّرة برائحة من نحبّ لم تعد موجودة الآن.

ربّما لو لم تكن تلك الوسائل موجودة لنظّمنا أوقاتنا أكثر، لاستيقظنا صباحاً على صوت تلك العصافير الّتي لم نعد نسمعها، لجلسنا مع عائلاتنا أكثر، وعرفنا ألوان عيونهم أكثر، وكيف يتكلّمون.

كنّا ذهبنا نزهة صباحيّة لشرب القهوة وسط الأشجار، وعدنا لنقرأ بهدوء دون رسائل تقطع علينا ما نقرؤه، لكنّا أكثر صبراً ورضىً، وأقلّ بذخاً، نلهث وراء تلك الصّيحات الّتي نظنّ أنّها تعيد ثقتنا بأنفسنا.

بتنا نلهث وراء الشّهرة والمال على تلك الوسائل أو أن نثبت للنّاس أنّنا لسنا بائسين بتلك الصّور الكاذبة.

لو لم تكن وسائل التّواصل الاجتماعي تلك موجودة كنّا جلسنا بهدوء، كنّا أحببنا ذواتنا أكثر، ولكانت مخيّلتنا تعمل أكثر، وكنّا على وشك أن نقدّم للإنسانيّة أفضل.

فكما للانفتاح على العالم إيجابيّاته أيضاً له تأثيراته السّلبيّة علينا، وعلى إنسانيّتنا.

وأخيراً سؤالي لكَ أو لكِ إن لم تكن وسائل التّواصل الاجتماعي موجودة في حياتنا ماذا سيكون حالكَ أو حالكِ؟ فلنتخيّل..

****

إعداد: لمى حمادي.

تدقيق لغوي: نور رجب.

تصميم غرافيك: ديمة عدل.

****

واقرأ أيضاً في حبر مهارات:

الازدواجيّة في مجتمعنا .. إلى متى؟

ثقافة العيب .. أسبابها ونتائجها

ثقافة العيب والتّنشئة الاجتماعيّة

الاختلاف سرّ التّوازن والجمال

****

تابع حبرنا عبر

twitter    instagram   facebook

التعليقات غير مفعلة